للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كيف نغسل الوجه؟]

هل نأخذ الماء بالكفين معًا ثم نغسله، وإذا فعلنا ذلك فمن أين نبدأ؟

غَسْلُ الوَجْه يُبْدأ من أعلَاه، وقد ذكر العلماء لذلك أسبابًا ثلاثةً:

السبب الأول: أن الذين حَكَوا لنا وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيَّنوا أنه بدأ بأعلى وجهه.

والسبب الثاني: هذا هو الطريق السليم، لأن الماءَ ينزل، ولا يصعد، فإذا بدأتَ من الأعلى، ساعدك الماء، وصار معك، فنزل إلى أسفل الوجه.

والسبب الثالث: إن أشرفَ ما في الوجه أعلاه، والذي في أعلى الوجه إنما هو الجبهة والأنف، وهُمَا موضع السجود، وقَدْ ورَد في الحَديث الصَّحيح: "أقْرَبُ ما يَكُونُ العَبْدُ من ربِّه وهُوَ سَاجدٌ" (١)، ففِيهِ بَيانٌ على أهميَّة السُّجود، ولا شكَّ أن من أعظم المواقف التي يظهر فيها ذُلُّ العبد وخضوعه لله -سبحانه وتعالى - هو أن يَطَّرِحَ بين يديه، وأن يضع أشرفَ عضوٍ في بدنِهِ على الأرض، هذا لا شك أنه غايةٌ في الذل والخضوع والانقياد والطاعة لله -سبحانه وتعالى -، وهذا الذي ينبغي دائمًا أن يكون عليه المؤمن {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور: ٥١].

{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥].

وأَخْذ الماء إنَّما يكون في اليدين، لأنَّ هذا أضمن للتعميم.

وهُنَاك مَنْ يرى الاقتصارَ على يدٍ واحدةٍ: وهذا رأيٌ صحيحٌ عند


(١) أخرجه مسلم (٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>