للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ القَتْلَ مِنْ جِهَةِ غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَلُوَّةِ التُّهْمَةِ، إِذْ كَانَتِ النِّيَّاتُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إِلَّا اللهُ تَعَالَى، فَمَالِكٌ لَمْ يَتَّهِمِ الأَبَ حَيْثُ اتَّهَمَ الأَجْنَيِيَّ، لِقُوَّةِ المَحَبَّةِ الَّتِي بَيْنَ الأَبِ وَالِابْنِ. وَالجُمْهُورُ إِنَّمَا عَلَّلُوا دَرْءَ الحَدِّ عَنِ الأَبِ لِمَكَانِ حَقِّهِ عَلَى الِابْنِ، وَالَّذِي يجِيءُ عَلَى أُصُولِ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَنْ يُقَادَ، فَهَذَا هُوَ القَوْلُ فِي المُوجِبِ).

استدلَّ مالكٌ بعُمُوم الكتَاب والسُّنَّة على وجوب القصاص، ولأنَّ تساويهما في الإسلام والحرية يوجب تساويهما في القود كالأجانب، ولأنه لما قتل الولد بالوالد، جاز قتل الوالد بالولد (١).

القِسْمُ الثَّانِي النَّظَرُ فِي الوَاجِبِ فِي القِصَاصِ]

- قوله: (وَأَمَّا القَوْلُ فِي الوَاجِبِ؛ فَاتَّفَقُوا (٢) عَلَى أَنَّ لِوَلِيِّ الدَّمِ أَحَدَ شَيْئَيْنِ: القِصَاصُ، أَوِ العَفْوُ؛ إِمَّا عَلَى الدِّيَةِ وَإمَّا عَلَى غَيْرِ الدِّيَةِ).


(١) "الحاوي" للماوردي (١٢/ ٢٢).
(٢) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (٢/ ٢٧٦)، حيث قال: "وإذا قَل رجل رجلًا ثم قتل آخر، كان أولياء المقتول بين الخيرتين: إن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا عفوا وأخذوا الدية، ولا شيء لأولياء المقتول الثاني إلا أن يقع العفو من أولياء المقتول الأول، فإذا عفوا، كان أولياء الثاني مخيرين: إن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا عفوا بإجماع الأمة".
وهذا النقل في مسألة إن قتل رجلين، لكن فيه نقل الإجماع الصريح على إثبات خيار الولي في القصاص أو الدية أو العفو.

<<  <  ج: ص:  >  >>