للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩)} [الحج: ٢٩]، فقوله تعالى: {وَلْيُوفُوا} جاء المضارع فيه متصلًا بلام الأمر (١).

أدلة النذر من السُّنَّةِ:

الأحاديث في ذلك كثيرةٌ جدًّا يصعب تَقَصِّيها (٢)، ومنها:

- قول الرِسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتَّفَق عليه: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْه، وَمَنْ نَذرَ أَنْ يَعْصِيَ اللهَ فَلَا يَعْصِهِ" (٣).

- وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ" (٤).

فَمِنَ النذر ما يكون معصيةً لله، والواجب على الإنسان إذا نَذَرَ ما فيه معصيةٌ لله ألا يلتفت إليه بل يطرحه وراءه، وسيأتي الحديث في نذر المعصية فيما إذا كان له كفارةٌ أم لا.

- وكذلك ما ورد من: أنَّ رجلًا نَذَرَ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ ينْحَرَ بِبُوَانَةَ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ بِبُوَانَةَ (٥)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟ "، قَالَ: لَا، قَالَ: "فَهَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟ " قَال: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ؛ فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ، فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدمَ" (٦).


(١) قال الخليل: "لام الأمر مكسورٌ أبدًا إذا كانت في الابتداء، فإن تقدمها واو أو فاء كانت ساكنة". انظر: "الجمل في النحو " (ص ٢٦٧).
(٢) يُقال: استقصى في المسألة؛ أي: بالغ فيها. يُنظر: "شمس العلوم"، للحميري (٨/ ٥٥٢٥).
(٣) أخرجه البخاري (٦٦٩٦) عن عائشة - رضي الله عنها -.
(٤) أخرجه بهذا اللفظ النسائي في "المجتبى" (٣٨٥١) عن عمران بن حصين، وأخرجه مسلم (١٦٤١) بلفظ: "لا وفاء لنذر في معصية، ولا فيما لا يملك العبد".
(٥) بوانة - بضم أوّله وبالنون، على بناء فعالة -: موضع بين الشام وبين ديار بني عامر. يُنظر: "معجم ما استعجم"، للبكري (١/ ٢٨٣).
(٦) أخرجه أبو داود (٣٣١٣)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٢٨٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>