للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحيث لا يكون قد أُثْخِنَ (١) فيه القتلُ وسقطَ على الأرض لا يقوَى على الحراك ثم جاء المُسلِمُ فَضَرَبَهُ ضربةً أجهَزَ بها عليه، بل يجب أن يكون ممتنعًا بعافيته قادرًا على القتال والمقاومة؛ لأن القاتل هاهنا لم يبذل مجهودًا في قتل المقتول.

وهذا الشرط تشهدُ له عدة أدلة، منها ما كان يوم بدرٍ حينما أثبَتَ (٢) معاذ بنُ عمرو ومعاذُ بن عفراءَ أبا جهل فسقط متأثِّرًا بجراحه، ثم جاء عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - فضربَهُ فأجهَزَ عليه، وحينها دَفَعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سلبه لمن أثبتَهُ وأسقطَهُ لا لعبد الله بن مسعودٍ الذي قتلَهُ وهو متأثر بجراحه (٣) (٤).

٣ - أن يُغرِّرَ القاتلُ بنفسه.

يعني: أن يرمي بنفسه أمام خصمه ويواجهه بحيث لا يدري أيكون قاتلًا في هذا النزال أم مقتولًا، لا أن يرميه بسهمِ من مسافةٍ أو يطلق عليه الرصاص فيصيبه، فحينئذٍ لا يستحق سلبه، لأنهَ لم يغرر بنفسه ولم يواجه خصمه مواجهة كاملة.

• أدلة استحقاق القاتل السلب من السنة المطهَّرة:

وهناك عدة أحاديث وردَت في هذا الشأن، منها:

١ - ما كان من قصة أبي قتادة - رضي الله عنه - يوم حنين عندما اشتد القتال بين


(١) وأثخن في العدو: إذا أوجع فيهم. انظر: "جمهرة اللغة" لابن دريد (١/ ٤١٨).
(٢) (ثبت) الشيء، يثبت، (ثباتًا) بالفتح، (وثبوتًا) بالضم، وشيء ثبت، أي: ثابت. ويقال: ثبت فلان في المكان، يثبت، ثبوتًا: إذا أقام به، فهو ثابت. انظر: "تاج العروس" للزبيدي (٤/ ٤٧٢).
(والثبيت)، كأمير: (الفارس الشجاع) الصادق الحملة، (كالثبت) بفتح فسكون".
(٣) أخرجه البخاري (٣١٤١)، ومسلم (١٧٥٢).
(٤) أخرجه أحمد (١٢١٤٣) عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: "من ينظر ما فعل أبو جهل؟ " فانطلق ابن مسعود، فوجد ابني عفراء قد ضرباه حتى برد، فأخذ بلحيته فقال: أنت أبو جهل؟ فقال: وهل فوق رجل قتلتموه، أو قتله قومه. وقال الأرناؤوط: "إسناده صحيح على شرط الشيخين".

<<  <  ج: ص:  >  >>