للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا السلب إنما يحصل عليه المسلم بعد مبارزة المشرك وانتصاره عليه وقتله إياه.

أما ما تدور حوله هذه المسألة هو ما إذا كان هذا السلب يجب للقاتل مطلَقًا أم أنه مقيَّدٌ بتنفيل الإمام، وقد تكلم أهل العلم في هذه المسألة بتفصيلٍ كبيرٍ، والمؤلِّفُ هاهنا قد ذَكَرَها على وجه الإجمال.

فأما من حيث الجملة، فالعلماء متَّفقون على استحقاق القاتل لسلب المقتول، لكن هناك مسائل تتفرع من هذه المسألة، ومنها:

١ - أن من شروط المقتول في السلب أن يكون ممن يجوز قتله.

وقد جاء في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه: "نهى عن قتل النساء والصبيان" (١).

فيستفادُ من هذا أن المقتول الذي يستحقُّ القاتل سلبه يُشترط فيه أن يكون ممن يجوز قتله، بحيث لو كان المقتول صبيًّا أو امرأةً أو شيخًا فانيًا أو راهبًا في صومعته أو مريضًا من أصحاب الأمراض المزمنة (٢)، فإدن ما على المقتول في هذه الحالة لا ينطلق عليه اسم السلب.

٢ - أن من شروط المقتول في السلب أن يكون ذا منعةٍ (٣).


= ومذهب الشافعية، يُنظر: "الأم" للشافعي (٤/ ١٤٩، ١٥٠)، حيث قال: "والسلب الذي يكون للقاتل كل ثوب عليه وكل سلاح عليه ومنطقته وفرسه إن كان راكبه، أو ممسكه فإن كان منفلتًا منه أو مع غيره فليس له، وإنما سلبه ما أخذ من يديه، أو مما على بدنه، أو تحت بدنه".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٢٣٩)، حيث قال: "وقد روي عن أبي عبد الله رحمه الله رواية أُخرى، أن الدابة ليست من السلب".
(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) "المزمن": العتيق وهو مشتق من الزمان، يقال: مرض مزمن، أي: طويل. انظر: "مفاتيح العلوم" للخوارزمي (ص ١٨٨).
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٦٠)، حيث قال: "ومن حجته إجماع العلماء على أن لا سلب لمن قتل طفلًا أو شيخًا هرمًا، أو أجهز على جريح، وكذلك من ذفف على جريح أو ذفف على من قطع في الحرب من أعضائه ما لا يقدر على ذلك عن الدفع عن نفسه".

<<  <  ج: ص:  >  >>