للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المصنف رحمه اللّه تعالى:

(البَابُ الرَّابعُ فِي تَمْيِيزِ الطَّلَاقِ مِنَ الفَسْخِ

وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ (١) رحمه الله فِي الفَرْقِ بَيْنَ الفَسْخِ الَّذِي لَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي التَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ، وَبَيْنَ الطَّلَاقِ الَّذِي يُعْتَدُّ بِهِ فِي الثَّلَاثِ إِلَى قَوْلَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: أَنَّ النِّكَاحَ إِنْ كَانَ فِيهِ خِلَافٌ خَارجٌ عَنْ مَذْهَبِهِ - أَعْنِي: فِي جَوَازِهِ - وَكَانَ الخِلَافُ مَشْهُورًا، فَالفُرْقَةُ عِنْدَهُ فِيهِ لِكَلَامِهِ).

ومعنى قوله: (الفسخ الذي لا يُعتَدُّ به في التطليقات الثلاث): أن هناك من الفسخ ما هو طلاقٌ.

وقوله: (إن كان فيه خلافٌ خارجٌ عن مذهبه)، فيه إشارةٌ طيبةٌ من المؤلف إلى أن العلماء يعتبرون بالخلاف المعتَبَر عند غيرهم من الأئمة، ولذلك فإن المالكية إذا وقعَ خلاف خارج مذهبهم يكون خلافًا معتَبَرًا مؤثرًا عندهم في ما يتعلق بالمسألة من أحكامٍ، هذا إذا كان الخلاف مشهورًا مُعتَبَرًا، أما الخلاف الشاذ فلا ريب في عدم الاعتبار به ولا الوقوف عنده كما هو الحال في ما يَرِدُ أحيانًا عن ابن علية أو الأصم ونحوهم، وكذلك


(١) يُنظر: "التلقين" للقاضي عبد الوهاب (ص ٣٢٣) حيث قال: "ويتصور فائدة الفرق في نقصان عدد الطلاق إذا عد طلاقًا وفي تعليل الفرق روايتان:
إحداهما: أن الطلاق معتبر فيما فيه خلاف ولا يعتبر فيما لا خلاف فيه.
والثانية: اعتبار الغلبة وعدمها ففي الغلبة يكون الفسخ بغير طلاق كالرضاع والملك والردة وفي غير الغلبة، وهي ما لو شاء الزوجان المقام مع الحال الموجبة للفسخ لكان لهما ذلك فإن الفسخ يكون بطلاق وذلك كالفسخ بالعنة وبإيلاء وبإعسار المهر والنفقة وخيار المعتقة وما أشبه ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>