للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مراد المؤلف هنا أنه يأتي بالفروع الظاهرة البيِّنة، ولذلك لو أخذت الكتب الكبيرة المشهورة - مثل: كتاب المغني لابن قدامة - فلن تراه قد جمع كل الفروع، ولكنه ألمَّ بالمسائل المهمة أصولًا وفروعًا.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[بَابٌ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ (١)]

والمؤلف هنا قال: "بابٌ في شرب الخمر" لأنه يذكر فيه ما يتعلق بشرب الخمر، ولم يذكر فيه كل ما يتعلق بذلك؛ اعتمادًا على أنه سبق أن عرَض لمسائل وترك أُخرى، ولكننا كعادتنا نريد أن نعرف الأصل في هذا الباب، ولا شك أنَّ الخمر محرَّمة؛ قد حرمها الله -سبحانه وتعالى-، ودكننا عندما نلقي نظرةً سريعةً موجزةً على ما يتعلق بها: نجد أن العرب قبل الإسلام قد عرَفوا الخمر وأنهم قد أُولعوا بها، وأنها قد جرت في عروقهم جريان الدم وأن مجالسهم كانت تعمر بها؛ ولذلك رأينا أن الله - عز وجل - عندما حرَّمها لم يحرمها دفعةَ واحدةً، بل على مراحل ثلاثة؛ لأن الأمر يحتاج إلى أن تُجتثَّ من نفوسهم - وإن كان الصحابة - رضي الله عنهم - أسرع الناس استجابةً لأوامر الله -سبحانه وتعالى- بالامتثال وتجنُّبًا لنواهيه بالابتعاد عما نهى عنه -، ومع أن العرب قد عرفوها وكانت من أكثر ما تقوم عليها مجالسهم وثمرهم فإننا نجد أن من عقلائهم مَن أشار إلى خطورة الخمر وذمِّها حيث قال: [الوافر]

رَأَيْتُ الْخَمْرَ صَالِحَةً وَفِيهَا … خِصَالٌ تُفْسِدُ الرَّجُلَ الْحَلِيمَا


(١) الخمر: ما أسكر من عصير العنب، وسمِّيت بذلك لأنها تخامر العقل. وحقيقة الخمر إنما هي العنب دون سائر الأشياء. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٤/ ٢٥٥)، "القاموس المحيط" للفيروزآبادي (ص ٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>