للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل عن الحسن البصرى (١) الإمام المعروف وهو من كبار التابعين أنه قال: لا يكفي الدخول والوطء بل لا بد من الإنزال، وهذا قول انفرد به ولم يوافقه عليه أحد؛ لأن القصد من النكاح إنما هو التقاء الختانين؛ ولذلك يثبت الحد إذا جلس بين شعبها الأربع ويفسد به الصيام والحج ويحصل به الإحصان ويثبت الصداق؛ فإذا التقى الختانان تقرر به هذه الأحكام كلها، والقصد بالتقاء الختانين إنما هو تغييب الحشفة؛ فهذا أمر واضح، فرأى جماهير العلماء أن القصد من ذلك هو مجرد أن يحصل الوطء ولا يشترط الإنزال، وأما مجرد الدخول دون الوطء فإن ذلك لا يكفي.

المحلِّل والمحلَّل له ملعونان:

الحديث الأول: حديث عبد الله بن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحلِّل والمحلَّل له". وهذا حديث صحيح أخرجه أحمد (٢) والترمذي (٣) والنسائي (٤)، وإنما الذي يحل ويحرم إنما هو الله سبحانه وتعالى، لكنه لما أراد أن يحل هذه المرأة لذلك الرجل سمي محللًا ويلعن المحلل له إذا رضي وتواطأ معه، أما إذا كان لا يعلم ولا يدري ولا قصد له فلا يدخل في ذلك.


(١) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٥/ ٤٤٧)، حيث قال: "وانفرد أيضًا الحسن البصري فقال: لا تحل للأول حتى يطأها الثاني وطأً فيه إنزال، وقال: معنى العسيلة: الإنزال وخالفه سائر الفقهاء وقالوا: التقاء الختانين يحللها لزوجها".
(٢) أخرجه أحمد (٧/ ٣١٤) ولفظه: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الواشمة والمتوشمة والواصلة والموصولة والمحل والمحلل له وآكل الربا وموكله". وصححه الألباني في "الإرواء" (١٨٩٧).
(٣) أخرجه الترمذي (١١٢٠) ولفظه؛ "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحل والمحلل له". وصححه الألباني.
(٤) أخرجه النسائي (٣٤١٦) ولفظه: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الواشمة والمتوشمة والواصلة والموصولة وآكل الربا وموكله والمحلل والمحلل له". وصححه الألباني في "الإرواء" (١٨٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>