للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث الثاني: والرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه: "ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "هو المحلل؛ لعن الله المحلِّل والمحلَّل له" (١). وهو حديث حسن.

"ألا" أداة استفتاح.

(أخبركم) يهيئ أصحابه - رضي الله عنهم - ليستمعوا إلى ماذا يقول؛ ليكونوا أوعى وأدرك لبيان خطورة هذا الأمر وأهميته.

"بالتيس (٢) المستعار" هو كمن يذهب فيستعير تيسًا من جاره أو زميله لينزو على غنمه؛ فهذا تشبيه لينفر من هذا العمل.

الحديث الثالث: حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله المحلِّل والمحلَّل له" (٣)، واللعن: هو الطرد من رحمة الله سبحانه وتعالى.

واللعن إما أن يكون خبر عن الله سبحانه والمخبر هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن كان من الله فهو إخبار من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا خبر صدق؛ لأنه جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن طريق صحيح، وإن كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو دعاء؛ أي: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يدعو على المحلل بأن يلعنه الله، والدعاء مستجاب؛ لأنه صدر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو على كلا الأمرين محظور.

والعلماء الذين بحثوا في تحديد الكبيرة، بعضهم قال: هي التي يترتب عليها لعن أو تختم بكلمة نار أو نحو ذلك (٤)، وقد جاءت أحاديث


(١) أخرجه ابن ماجه (١٩٣٦)، وحسنه الألباني.
(٢) التيس: الذكر من المعز إذا أتى عليه حول وقبل الحول هو جدي. انظر: "المصباح المنير"، للفيومي (١/ ٧٩).
(٣) أخرجه أبو داود (٢٠٧٦)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود - الأم" (١٨١١).
(٤) يُنظر: "الكبائر"، للذهبي (ص ٨)؛ حيث قال: "والذي يتجه ويقوم عليه الدليل: أن من ارتكب شيئًا من هذه العظائم مما فيه حد في الدنيا كالقتل والزنا والسرقة أو جاء فيه وعيد في الآخرة من عذاب أو غضب أو تهديد أو لعن فاعله على لسان نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه كبيرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>