للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أدبيات]

يستفاد من موقف عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- مع الخوارج أن يتعلم الداعية الأسلوب الرشيد الذي ينبغي أن يسلكه في دعوته ولذلك قال الله تعالى في مجادلة أهل الكتاب: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: ٤٦]، وقال: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥]، ولما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذًا إلى اليمن قال: "إنك ستأتي قومًا من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله" (١). إذن بيّن له أنه سيجد أهل كتاب وهم أهل علم وعرفوا الحق ولكنهم حادوا عنه.

ولذا قسم أهل البلاغة المخاطب إلى أنواع:

- فهناك المنكِر، وهذا تحتاج إلى أن تؤكد له القول بعدة مؤكدات.

- وهناك المتردد، وهذا يكون التأكيد له دون ذلك.

- وهناك خالي الذهن فتلقي عليه الكلام هكذا بدون حاجة إلى مؤكدات لأنه سرعان ما يتقبل منك إذا أراد الحق (٢).

لكن قد تجد إنسانًا معاندًا، عرف الحق فينبغي ألا تصدمه بأن تغضب في النقاش وفي الجدال، ولذلك هناك ما يعرف بأدب الجدل.

فانظر في حكمة عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- كيف رد عليهم بمثل ما جاؤوا به فاضطرهم إلى الاستدلال بما أنكروه، قالوا: وجدنا ذلك في سنة


(١) أخرجه البخاري (١٤٥٨)، ومسلم (١٩).
(٢) يُنظر: "الإيضاح في علوم البلاغة" للقزويني (ص: ٢٣)، حيث قال: "وإذا كان غرض المخبر بخبره إفادة المخاطب أحد الأمرين فينبغي أن يقتصر من التركيب على فدر الحاجة فإن كان المخاطب خالي الذهن من الحكم بأحد طرفي الخبر على الآخر والتردد فيه استغنى عن مؤكدات الحكم كقولك".

<<  <  ج: ص:  >  >>