للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه: فالتخليلُ مندوبٌ.

وقَدْ يسأل سَائلٌ فيَقُولُ: قلتم هناك بوُجُوب المضضة والاستنشاق، فلماذا - ما دَام قَدْ صحَّت فيه أحاديثُ - لا تَقُولون بوُجُوب تخليل اللحية؟

الجواب: هذه المسألةُ تَخْتلف عن سَابِقَاتِهَا؛ لأنَّ تخليلَ اللحية في الأحاديث التي وردت في "الصَّحيحَين"، وَفِي أَحَدهما؛ لم يَرِدْ فيها أن الرسول علَيه الصلاة والسلام خلَّل لحيته، فلو كان التخليلُ واجبًا، لَمَا تركَه الرسول عليه الصلاة والسلام، والتخليلُ بيانٌ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وهذه قاعدة أصولية معروفة، فكون الرسول عليه الصلاة والسلام ترك التخليل في كَثِيرٍ من الأحاديث، وَوَرَد في بعضها، صار دليلًا على أن التخليل غير واجبٍ، لكن ينبغي أن يَعْتني به الإنسان.

[ما هي طريقة التخليل؟ أو كيف يخلل الإنسان لحيته؟]

وَرَد في أحاديثَ أن الرَّسُولَ عَلَيه الصَّلاة والسَّلام أخذ مَاءً بكفِّه، ثمَّ بدأ بلِحْيتِهِ من جهة الحنك، فأَخَذ يُخلِّلها (١).

وقَدْ فصَّل الإمام أحمد -رحمه الله - التخليلَ فيما نُقِلَ عنه في "مسائلِهِ" (٢)؛ (مسائل بعض العلماء الذين نقلوا عنه): أنه يبدأ - كما وَرَد في الحديث - من جهة الحنك، ثم يخلل ذلك بأصابعه، هذا هو معنى التخليل.


(١) أَخْرَج أبو داود (١٤٥)، عن أنس بن مالكٍ: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ أخذ كفًّا من ماءٍ، فأدخله تحت حنكه، فخلل به لحيته، وقال: "هكَذا أَمرَنِي ربي". قال الأرناؤوط: حسنٌ لغيره دون قوله: "هكذا أمرني ربي"؛ فلم تُرْوَ إلا من طرقٍ شديدة الضعف، وهذا إسناد ضعيفٌ لانقطاعه.
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٧٩)؛ حيث قال: "قال يعقوب: سألتُ أحمدَ عن التخليل؟ فأراني من تحت لحيته، فخلل بالأصابع. وقال حنبل: من تحت ذقنه من أسفل الذقن، يخلل جانبي لحيته جميعًا بالماء، ويَمْسح جانبيها وباطنها. وقال أبو الحارث: قال أحمد: إنْ شَاءَ خلَّلها مع وجهه، وإنْ شاء إذا مسح رأسه"، وانظر: "الجامع لعلوم الإمام أحمد" (٥/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>