الشرط، فإنَّ مالكًا يرى أنَّه: يجوز تأخير قبض رأس المال إلى ثلاثة أيام فأقل، ولو بشرط في العقد، سواء أكان رأس المال عينًا أم دينًا؛ لأنَّ السلم معاوضة لا يخرج بتأخير قبض رأس المال عن أن يكون سلمًا، فأشبه ما لو تأخر إلى آخر المجلس، وكل ما قارب الشيء يعطى حكمه، ولا يكون له بذلك حكم الكالئ.
وبيع الكالئ بالكالئ: أي: بيع الدَّين بالدَّين (١).
يُشير المؤلف - رحمه الله - إلى الخلاف الذي ذكرناه بين الأئمة الثلاثة (أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد)، وبين الإمام مالك في شرط:(تعجيل رأس المال، وقبضه في مجلس العقد قبل افتراق العاقدين بنفسيهما)، وأنَّ مالكًا يتسامح، ويقول:"يجوز تأخيره اليوم واليومين والثلاثة".
(١) انظر: "المنتقى شرح الموطإ"؛ للباجي (٤/ ٣٠٠)، قال فيه: "وقبضه في مجلس السلم أفضل، وليس بشرط في صحة السلم، ويجوز أن يتأخر قبضه اليوم واليومين بالشرطِ خلافًا لأبي حنيفة والشافعي في قولهما: إنَّ من شرط صحة السلم التقابض في المجلس، والدليل على ما نقوله: أنَّ التأخير فيه ليس بممنوع لمعنى في العوض، وإنَّما هو ممنوع لمعنى في العقد؛ لئلا يكون من الكالئ بالكالئ، والمسلم فيه من شرطه التأجيل، والثمن من شرطه التعجيل، فكما لا يصح السلم بتأخير القبض عن المجلس، ولا بتأخيره اليوم واليومين، ولا يكون له بذلك حكم الكالئ، فكذلك الثمن الذي من شرطه التعجيل لا يُفسده التأخر عن مجلس القبض، ولا بتأخره اليوم واليومين، ولا يدخل بذلك في حكم الكالئ".