للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الماء الدائم الذي لا انقطاع له، مثل ماء العين وماء البئر، كذلك لا يجوز له أن يبيع نقع الماء الذي يكون بجوار البئر أو الغدير.

وألحقُوا بذلك ما يتعلَّق بالكلإ (١)، فالكلأُ الذي في الأرض ليس له أن يمنعه ولا أن يبيعه إلا إذا أدخَله إلى حوزته، فلو أنَّ إنسانًا حمل ماءً في إناء أو في قِربته أو سيَّارته أو أدخله منزلَه أصبح هذا الماءُ مِلكًا له. حينئذٍ تختلف الصورة فله أن يبيعه (٢).

وهناك من العلماء (٣) - وهم قلَّة - من منع بيع الماء مطلقًا، واستدلُّوا بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي المَاءِ وَالكَلأِ وَالنَّارِ" (٤)، في بعض الرِّوايات أيضًا: "الحطب"، وسُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الذي لا يجوز للإنسان أن يبيعه؟ فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "الْمَاءُ"، ثم سأل السائل عما لا يجوز للإنسان أن يبيعه؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "الْمِلْحُ" (٥)، فالماءُ نعمة من نِعم الله سبحانه وتعالى أسداها إلى عباده، لا يستغني عنه كائن حيٌّ في هذه الحياة، بل أصبح الماء لا يُستغنى عنه في الصناعات، ولو مشيت بسيارتك بدون الماء ما استطعت أن تسير بها، ولو سرت بها لأدَّى ذلك إلى فسادها.

تنبيهٌ:

وفي هذا تحذير للمسلم أن يمنع فضل الماء الزائد عنده عن أخيه،


(١) يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٣/ ٢٤) قال: " (ولا) يصح بيع (نابت من كلإ وشوكٍ، ونحوه)؛ كأشنان نابت في أرض قبل حيازته".
(٢) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٣/ ٣٩٨) قال: " (ويصح) (بيع الماء على الشط)، والحجر عند الجبل (والتراب بالصحراء) ممن حازها (في الأصح) لظهور النفع فيها، وإن سهل تحصيل مثلها".
(٣) يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد (١٠/ ٢٦١) قال: لأن من أهل العلم مَنْ حمله على عمومه في جميع المياه كلها؛ كانت متملكةً أو غير متملكةٍ، فلم يجيزوا لأحد أن يبيع فضلة مائه، ولا أن يمنعه بحال، وهو قول يحيى بن يحيى.
(٤) أخرجه أبو داود (٣٤٧٧) وابن ماجه (٢٤٧٢) وصَحَّحه الأَلْبَانيّ في "إرواء الغليل" (١٥٥٢).
(٥) أخرجه أبو داود (١٦٦٩)، وضعَّفه الأَلْبَانيُّ في "مشكاة المصابيح" (١٩١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>