للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: لو خرج من الإنسان دمٌ من غير قصدٍ كأنْ يكون رعافًا (١)، أو عن طريق جرحٍ فإنه لا يفسد صومه.

كذلك لو أخذ منه دمٌ قليلٌ كالذي يؤخذ منه للتحليل، فإنه لا تأثير له، لكن إن أخذت منه كميةٌ كبيرةٌ لتُنقل إلى غيره، فهذه لا شكَّ أنها تفسد الصيام؛ لأنه قام به عمدًا.

القاعدة العامَّة: ما قلَّ فلا أثر له، وما كثر فلا يخلو: إما أن يفعله الإنسان متعمدًا، فهذا يؤثر على صيامه، وإما أن يكون بغير عمدٍ فهذا لا أثر له.

[مذاهب العلماء في الحجامة]

القول الأول: إنها تفطر، وبه قال أحمد (٢)، والأوزاعي (٣)، وإسحاق (٤)، ونقل كذلك عن بعض السلف، واحتجوا على ذلك بما يلي:

أولًا: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفطر الحاجم والمحجوم" (٥).

ثانيًا: ما نقل عن بعض السلف أنه كان يترك الاحتجام إلى الليل، ومن أولئك عبد اللَّه بن عمر (٦) -رضي اللَّه عنهما-، وأجاب أصحاب القول الثاني عن ذلك بأنه نقل عن بعض السلف أنه كان يحتجم، وأما فعل ابن عمر وغيره فهذا من باب الاحتياط والتورُّع.

القول الثاني: أنها مكروهةٌ، وبه قال الجمهور؛ مالك (٧)،


(١) الرُّعاف: الدمُ يخرج من الأنف. انظر: "الصِّحاح" للجوهري (٤/ ١٣٦٥).
(٢) تقدَّم.
(٣) تقدَّم.
(٤) تقدَّم.
(٥) تقدَّم تخريجه.
(٦) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٤٤٧)، عن نافعٍ، قال: كان ابن عمر يحتجم وهو صائمٌ ثم تركه بعد فكان يحتجم بالليل فلا أدري عن شيءٍ ذكره أو شيءٍ سمعه. وانظر: "المغني" لابن قدامة (٣/ ١٢٠).
(٧) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>