للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يترك سنة من السنن، لكنَّ الإنسان تختلف حاله إن كان ترك الواجب متعمدًا أو تركه ناسيًا؛ لأن الناسي لا إثم عليه: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ سِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦].

(رحمة اللَّه بعباده)

والنسيان سبب من الأسباب التي ذكر العلماء أنها من أسباب التخفيف في هذه الشريعة، فالشريعة إنما جاءت بالرحمة واليسر، ورفع الحرج والمشقة عن الناس قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]، وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨].

فعندما نقرأ آية الوضوء نجد أنَّ اللَّه -سبحانه وتعالى- بيّن سبب التخفيف فيها، وعندما نقرأ آية الصيام كذلك نجد أيضًا أن اللَّه -سبحانه وتعالى- يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر.

فهذه شريعة سمحة تسير مع الإنسان في كل زمان ومكان؛ تعالج أسقام هذه الحياة علاجًا مستقيمًا لا عوج فيه ولا انحراف، لأنها نزلت من لدن حكيم عليم، يعلم ما يصلح عباده وما يصلح شؤونهم وما تستقيم به أحوالهم: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)} [الملك: ١٤].

أما أن نحتكم بقوانين وضعها البشر! فالبشر مهما بلغوا الغاية في الذكاء والفطنة وحصافة العقل؛ فإنهم بشر يخطئون ويصيبون، وقد يكون الخطأ في جانبهم أكثر من الصواب.

فلا موازنة بين شريعة نزلت من لدن علام الغيوب، وبين قوانين وضعية وضعها الناس من زبدة أفكار تعشش فيها الرذائل وتُفرِّخ.

فهل نعدل عن كتاب اللَّه -عز وجل- وعن سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونأخذ بأقوال الرجال الذين خرجوا عن الطريق السوي؟ -ولا نقصد بذلك المسائل التي يجتهد فيها العلماء، فإنهم -رحمهم اللَّه- أخذوا تلكم الأحكام من كتاب اللَّه -عز وجل- ومن سنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- إما منطوقًا، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>