للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- أي: أنكم قلتم: إن حديث المسيء إنما بَيَّن فيه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الأركان، وقلتم: إن من ترك التشهد الأخير والجلولس له إنما تبطل صلاته -بينما لم نجد أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بيَّن ذلك الحكم لذلك الرجل الذي جهل ما هو أبسط منه؛ وهو الاطمئنان في الركوع وفي السجود؛ فكونه لم يبين له ذلك دليل على عدم وجوبه (١).

[خلاصة المسألة في بيان حكم التشهد]

والقول في هذه المسألة على قسمين:

الأول: حكم التشهد هل هو واجب أم لا، والخلاف فيه ليس في قضية أنه واجب بمعنى الوجوب الذي يسقط بالنسيان أو يجبر، فالذين يقولون بوجوبه يرون أنه ركن وأن الإنسان لو تركه بطلت صلاته.

إذن، فهذه المسألة ليس الخلاف فيها سهلًا؛ فالذين يقولون بوجوبه يرون أن الصلاة تبطل بتركه.

الثاني: يكون في المختار منه، وقد ورد أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- علَّم عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- التشهد كما في "الصحيحين" (٢)، وعلم عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنه- التشهد قال: "كان يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن"، وهذا في "صحيح مسلم" (٣)، وهناك أيضًا دعاء التشهد الذي كان


(١) انظر: "الإشراف"، للقاضي عبد الوهاب (١/ ٢٥١)، وفيه قال: "التشهدان جميعًا مسنونان غير مفروضين. خلافًا للشافعي في إيجابه الأخير، ولغيره في إيجابه إياهما؛ لقوله عليه السلام للأعرابي لما علمه الصلاة: "ثم اجلس حتى تطمئن جالسًا فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك" ففيه دليلان:
أحدهما: أن التشهد لو كان مفروضًا لعلمه إياه مع علمه بأنه لا يحسن الصلاة.
والآخر: قوله: "فقد تمت صلاتك" فحكم بتمامها مع عدم هذا، ولأنه ذكر يختص بالجلوس فلم يكن فرضًا كالأول".
(٢) تقدَّم.
(٣) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>