للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أدلة الحنفية والحنابلة]

ممَّا استدلَّ به مَنْ ذهب إلى أن الحامل لا تحيض:

الدليل الأول:

قالوا: الشرع اعتبر الحيض علامة براءة الرحم؛ فهو يدلُّ على خُلوِّ المرأة من الحمل، فالحرة تعتد، وغير الحرة تُسْتَبْرَأ بحيضةٍ؛ كما في أحكام النكاح.

وقالوا: القول بحيض الحامل فيه معارضةٌ للشريعة الحاكمة بأن الحيض دليلٌ براءة الرحم من الحمل، وعَلَيه فلَا يَجْتَمع الحمل والحيض في آنٍ.

الدليل الثاني:

قالوا: حرم الفقهاء -بما فيهم الشافعية- طلاق الحائض.

ففي الحديث الصحيح: عَنْ سالم بن عبد اللّه "أنَّ عبد اللّه بن عمر - رضي الله عنهما - طلق امرأته وهي حائض، فبلَغ ذَلكَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَال لأبيه عمر: "مُرْه فليُرَاجعها … "، إلَى آخِرِ الحَديث (١).

وَجْه الاستدلال: إنكار الرسول - صلى الله عليه وسلم - على ابن عمر - رضي الله عنهما - تطليقه امرأته وهي حائض، فطلاق الحائض طلاق بدعي كما يقول الفُقَهاء، وقد وقع خلاف بينهم في وقوعه (٢)، واتفق الفقهاء على صحة


(١) أخرجه البخاري (٢٥٥١) ومسلم (١/ ١٤٧١).
(٢) اتفق الفقهاء على أن إيقاع الطلاق في الحيض حرام ابتداءً، وهو بدعي منهي عنه، وذهبوا إلى أنه يقع في زمنه، واختلفوا في رجعتها، فذهب الحنفية والمالكية إلى وجوب رَجْعتها، وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه سنةٌ:
فمذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي وحاشية ابن عابدين (٣/ ٢٣٢ - ٢٣٤)، حيث قال: "وحل طلاقهن (أي: الآيسة والصغيرة والحامل) عقب وطء؛ لأن الكراهة فيمن تحيض لتوهم الحبل، وهو مفقود هنا … وتجب رَجْعتها على الأصح فيه، أي: في الحيض؛ رفعًا للمعصية، فإذا طهرت طلقها إن شاء، أو أمسكها". =

<<  <  ج: ص:  >  >>