للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنبات، فلا بد منه، وقيل سميت بالمساقاة؛ لأن بلاد الحجاز كاذت تقوم أعمالهم من حيث الري على الاستقاء، يحفرون الآبار ويستقون منها، فهذه هي المساقاة (١).

والان نبدأ في الكتاب، ثم بعد ذلك نتبين ما أشار إليه المؤلف من خلاف؛ من قال بالمساقاة، ومن قال بعدمها، أي: من أجازها ومن منعها، ولماذا أجازها أكثر العلماء ومنعها قليل منهم؛ وبخاصة أن ممن منعوها أحد الأئمة الأربعة.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(الْقَوْلُ فِي الْمُسَاقَاةِ (٢)

أَمَّا أَوَّلًا: فَفِي جَوَازِهَا).

لا شك أن المساقاة مشروعة بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد جاءت في ذلك أحاديث صحيحة، ويأتي في مقدمتها ما حصل من معاملة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل خيبر، فإنه - صلى الله عليه وسلم - فتح خيبر، وكانت خيبر تشتهر بالنخيل، ولا يزال النخيل موجودًا فيها، فلذلك جاءت السنة بمشروعية المساقاة.

[أدلة مشروعيتها]

الأول: قال بعض العلماء: الدليل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر على شطر مما يخرج منها من ثمر أو زرع، كما في حديث عبد الله بن عمر المتفق عليه، قال: "عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر على شطر ما يخرج


(١) قال الرملي في "نهاية المحتاج" (٥/ ٢٤٤): "المساقاة … وهي مأخوذة من السقي - بفتح السين وسكون القاف - المحتاج إليه فيها غالبًا، لا سيما بالحجاز فإنهم يسقون من الآبار لأنه أنفع أعمالها وأكثرها مؤنة". وينظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٥٣٢).
(٢) ويسميها أهل العراق (الحنفية): المعاملة. يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٦/ ١٨٥) قال: "معنى المعاملة لغة: فهو مفاعلة من العمل، وفي عرف الشرع عبارة عن العقد على العمل ببعض الخارج مع سائر شرائط الجواز".

<<  <  ج: ص:  >  >>