للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها من ثمر وزرع" (١). هذا الحديث متفق عليه، وهو دليل من الأدلة التي جاءت في السنة.

الثاني: قد حكى بعض العلماء الإجماع (٢)، قالوا: ظل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طيلة حياته حتى لحق بالرفيق الأعلى، ومات - صلى الله عليه وسلم - وهو يعامل أهل خيبر على ذلك؛ أي على المساقاة، وعمل بعده الخلفاء الراشدون أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، ثم أهْلُوهم، واستمر المسلمون على ذلك فترة، قال هؤلاء العلماء: فكان ذلك إجماعًا (٣).

ومن العلماء من قال بأن المساقاة لا تجوز؛ لأنها معاملة مقابل شيء لم يخلق، ولو قدر أنه خلق فهو مجهول لا يعلم قدره، وما ذكر أن


(١) أخرجه البخاري (٢٣٢٩)، ومسلم (١٥٥١).
(٢) قال ابن المنذر في "الإقناع" (٢/ ٥٧٤): "ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج من تمر أو زرع … ولا أعلم أحدًا خالف ما ذكرناه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا النعمان، ولا يعلم له معنى؛ إذ هو مخالف للسنة".
(٣) إن كان الشارح يقصد بقوله: عمل بعده الخلفاء الراشدون … إلخ، باليهود فلا، وإن قصد بإباحة المعاملة (المساقاة) فنعم:
فقد ذكر ابن المنذر في "الأوسط" (١١/ ١٠٩): "أن أبا بكر أقر اليهود فيها بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقرهم عمر صدرًا من إمارته". انتهى.
وقد أجلاهم عمر في خلافته؛ فقد أخرج البخاري (٢٧٣٠) عن عمر قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عامل يهود خيبر على أموالهم، وقال: "نقركم ما أقركم الله"، وأن عبد الله بن عمر خرج إلى ماله هناك، فعدي عليه من الليل، ففدعت يداه ورجلاه، وليس لنا هناك عدو غيرهم، هم عدونا وتهمتنا، وقد رأيت إجلاءهم، فلما أجمع عمر على ذلك أتاه أحد بني أبي الحقيق، فقال: يا أمير المؤمنين، أتخرجنا وقد أقرنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وعاملنا على الأموال وشرط ذلك لنا، فقال عمر: أظننت أني نسيت قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيف بك إذا أخرجت من خيبر تعدو بك قلوصك ليلة بعد ليلة". فقال: كانت هذه هزيلة من أبي القاسم. قال: كذبت يا عدو الله. فأجلاهم عمر، وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثمر، مالا وإبلًا وعروضًا من أقتاب وحبال وغير ذلك. وعلق البخاري (٣/ ١٠٤) آثارًا عن جملة من الصحابة والتابعين قال: وزارع علي، وسعد بن مالك، وعبد الله بن مسعود وعمر بن عبد العزيز، والقاسم، وعروة، وآل أبي بكر، وآل عمر، وآل علي، وابن سيرين. انتهى. فلعل الشارح قصد العموم. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>