أشرنا إليها، والتي سبق أن درسناها في كتاب الولاء وفي كتاب العتق.
إذا قلنا: العاقلةُ هم العصبة -قبل أن ندخل في تفصيل ذلك- هل هناك قدرٌ محدَّدٌ يلزمُ كُلَّ واحدٍ من العصبة؟
مثلًا: الإخوة يلزم كل واحد كذا، الأعمامُ يلزم كلَّ واحدٍ كذا، أعمامُ الإخوة، أبناء الأعمام … إلى آخرِهِ. هل هناك قدرٌ محدَّدٌ من المال؟ هو دينارٌ على كلِّ واحدٍ أو نصف دينارٍ.
ومعلومٌ بأنَّ المرأةَ لا تدخل في العقل، وكذلك أيضًا لا يدخل فيه على الرأي الصحيح الفقير، فهناك أنواع من النَّاس لا يدخلون -يعني لا يحملون شيئًا مع العاقلة.
إذنْ العاقلةُ يقوم بها نوعٌ من العصبة.
الكلام الآن هل هناك قدرٌ محدَّدٌ؟
الإمامان مالك وأحمدُ (١) قالا: "ليس هناك قدر محدَّد، وإنَّما يرجع ذلك إلى تقدير الحاكم -أي: الذي يتولى ذلك- وهو الذي ينظر في المصلحة، فإنْ رأى أن يحدد قدرًا محدَّدًا حددَّهُ، وإنْ رأى ألَّا يحدِّدَه وأن يترك ذلك إلى ما عند هؤلاء من الرغبة؛ لأنَّه يوجد من الناس من يدفع أكثر، وهناك من يدفع أقل، فالنُّفوسُ تختلف في تعلُّقها بالمال وحبها لها، فبعض الناس جبَلَهُ اللَّهُ سبحانه وتعالى على البذل وعلى العطاء وعلى السخاء، حتى في الأمور غير المتعينة، فما بالك في الأمور المتعينة! ولذلك فرَّقَ اللهُ سبحانه وتعالى بين الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله وبين الذين يمسكونها، وأثنى على الذين ينفقونها في سبيل الله وبيَّن بأنَّها:{كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ}[البقرة: ٢٦١] .. وعدَّ
(١) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٦٣)؛ حيث قال: "وما يحمله كل واحد من العاقلة غير مقدر؛ لأن التقدير من الشرع، ولم يرد به (وترجع فيه إلى اجتهاد الحاكم، فيحمل كل إنسان ما يسهل) عليه (ولا يشق) ".