للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عراةً غرلًا، وأن كل إنسان سيُسْأل عمَّا قدم؛ إنْ خيرًا فخير، وإنْ شرًّا فشر: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: ٣٠]، واللَّه تعالى لا يظلم أحدًا: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: ٤٩]، وكل ما يفعله الإنسان في هذه الحياة، فإنه لا يخفى على اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وقَدْ يخفي أحدنا أعماله عن أعين الناس؛ لأنهم سيُنْكرون فعلَه، لكنه إذا خلا بنفسه إن كان صائمًا وشرب، فالمُطَّلع عليه إنما هو اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٥٩)} [الأنعام: ٥٩]، فينبغي علينا أن نمسح تلك الأُمور التي سجلت بصحائفنا لنُبيِّضها، وأن نعود كما ولدتنا أمهاتنا، هذه فرصة لا يَنْبغي أَنْ تضيع.

[القَوْلُ فِي أَفْعَالِ المُزْدَلِفَةِ]

قلنا سابقًا: إن هذا الجمع الغفير للناس والاجتماع في هذا المكان يذكرنا باجتماع كل الخلق يوم القيامة عندما يحشر اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الناس.

ولننظر إلى سبب اجتماع الناس في هذا المكان، وما الذي يجمعهم جميعًا؟

بل ما الذي يجمعنا الآن في هذه الحلقة، وفي هذا المسجد الكبير العظيم؟

أليس الذي يجمعنا: هو عبادة اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-؟!

إذن؛ هناك رباط وثيق يربط بيننا؛ وهذا الرباط: هو الإسلام.

وما أحسن قول القائل (١):

أبي الإسلام لا أب لي سواه … إذا ما افتخروا بقيس أو تميم


(١) هو نهار بن توسعة، من بكر بن وائل (ت ٨٣ هـ). انظر: "الشعر والشعراء"، لابن قتيبة (٣/ ١٣٢)، وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>