للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المصنف رحمه الله:

(البَابُ الثَّالِثُ وَهُوَ مَعْرفَةُ مَا تَثْبُتُ بهِ هَذِهِ الفَاحِشَةُ

وَأَجْمَعَ العُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الزِّنَا يَثْبُتُ بِالإِقْرَارِ وَبِالشَّهَادَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِهِ بِظُهُورِ الحَمْلِ فِي النِّسَاءِ الغَيْرِ المُزَّوَجَاتِ إِذَا ادَّعَيْنَ الِاسْتِكْرَاهَ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي شُرُوطِ الإِقْرَارِ وَشُرُوطِ الشَّهَادَةِ) (١).

هذا الباب عقده المؤلف لبيان ما تثبت به هذه الفاحشة، فذكر إجماع العلماء على أن الزنى يثبت بالإقرار والشهادة، فهذا ليس محل خلاف بين العلماء، ولكن اختلفوا في بعض ما يتعلق بهما، كالشروط التي تشترط في الشهود، وكذلك بالنسبة للمُقر، من كونه مكلفًا -بالغًا عاقلًا-، ولذلك سأل النبي عمن أقر على نفسه بالزنا من يعرفه: "أبه جنون؟ " فقالوا: لا (٢). إذن لا بد أن يكون المعترف عاقلًا وكذلك أن يكون إقراره صريحًا (٣).


(١) قال ابن القطان: "وأما الاعتراف بالزنا فهو الإقرار بصريحه من البالغ العاقل، فإذا ثبت على الإقرار به وكان محصنًا وجب رجمه، وإن كان بكرًا فجلده، ولا خلاف في هذا كله، وأما ظهور الحمل بامرأة لا زوج لها يعلم، ففيه تنازع. وأما الشهادة في الزنا فأجمع العلماء أن البين فيه أربعة شهداء رجال عدول يشهدون بالمعاينة والصريح بالزنا لا بالكناية". انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" (٢/ ٢٥٦، ٢٥٧).
(٢) وهو حديث ماعز، أخرجه مسلم (٢٢/ ١٦٩٥)، وفيه: قال: يا رسول الله، طهرني، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك حتى إذا كانت الرابعة، قال له رسول الله: "فيم أطهرك؟ " فقال: من الزنى، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أبه جنون؟ " فأُخبر أنه ليس بمجنون، فقال: "أشرب خمرًا؟ " فقام رجل فاستنكهه، فلم يجد منه ريح خمر، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أزنيت؟ "، فقال: نعم، فأمر به فرجم.
(٣) سيذكر هذا بالتفصيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>