للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(القَوْلُ فِي الشُّرُوطِ

فَنَقُولُ: إِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ القَاتِلَ الَّذِي يُقَادُ (١) مِنْهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ: أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا، بَالِغًا، مُخْتَارًا لِلْقَتْلِ، مُبَاشِرًا غَيْرَ مُشَارِكٍ لَهُ فِيهِ غَيْرَهُ (٢)).

[شروط القتل العمد الذي يوجب القصاص]

أولًا: أن يكون عمدًا عدوانًا، وقد سبق تفصيل ذلك -قريبًا- في بيان صفة القتل العمد.

ثانيًا: أن يكون القاتل عاقلًا بالغًا، فالمجنون والصغير غير مكلفين، وفي الحديث: "رفع القلم عن ثلاث: النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق، والصغير حتى يكبر" (٣).

كذلك النائم؛ لو انقلب على إنسان بجواره -كطفل صغير مثلًا- فقتله فلا يعتبر هذا عمدًا (٤)، وإنما يدخل في قتل الخطأ فلا يقتص منه.


(١) يقاد منه، أي: يقتص منه. يُنظر: "لسان العرب" (٣/ ٣٧٢)، حيث قال: "الجوهري: القود القصاص. وأقدت القاتل بالقتيل، أي: قتلته به. يقال: أقاده السلطان من أخيه ".
(٢) يُنظر: "مراتب الإجماع" لابن حزم (ص ١٣٨)، حيث قال: "واتفقوا أن الحر المسلم العاقل البالغ إن قتل مسلمًا حرًّا ليس هو له بولد، ولا انفصل منه، وهو رجل حر عاقل غير حربي ولا سكران ولا مكره، فقتله قاصدًا لقتله عامدًا غير متأول في ذلك، وانفرد بقتله ولم يشرك فيه إنسان ولا حيوان ولا سبب أصلا مباشرًا لقتله بنفسه بحديدة يمات من مثلها، وكان قتله له في دار الإسلام: أن لولي ذلك المقتول قتل ذلك القاتل إن شاء". ولم أجد المسألة في كتب ابن المنذر: "الإجماع "، "الإقناع"، "الأوسط".
(٣) أخرجه أبو داود (٤٤٠٥)، وغيره، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٩٧).
(٤) لا خلاف في أنه لا يقتص من المغمى عليه، ومثله كل من زال عقله بسبب مباح.
يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٨/ ٢٨٤)، حيث قال: "لا خلاف بين أهل العلم، أنه =

<<  <  ج: ص:  >  >>