للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعليه أن يجعلها عمرة، وإنما الإحرام بالحج ينبغي أن يكون في أشهر الحج، وأيضًا ينبغي للمسلم حقيقة: أنه إذا أحرم بالحج، فله أن يحل من إحرامه ويجعلها عمرة، فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر اقتداءً بما أرشد إليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبما تمنى، والإنسان -كما قلنا- قد تعب وطوى المسافات، وجاء إلى هذه البلاد بقصد أداء هذه الفريضة، فليحاول قدر الإمكان أن يتجنب كُلَّ المواضع التي قد تقدح في حجه، أو تنقصه من أي طريق كان، إِلَّا أن يكون معذورًا، فلا يكلف اللَّه نفسًا إِلَّا وسعها.

[مَا يَمْنَعُ الْإِحْرَامَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ لِلْحَلَالِ]

قال المصنف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:

(الْقَوْلُ فِي التُّرُوكِ

وَهُوَ مَا يَمْنَعُ الْإِحْرَامَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ لِلْحَلَالِ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ).


= ولا يجوز عكسه، وهو تأخيره عن هذه المواقيت على ما يَجيء في موضعه إن شاء اللَّه تعالى، وإنما كان التقديم أفضل؛ لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، وفسرت الصحابة الإتمام بأن يُحرم بهما من دويرة أهله، وكانوا يَستحبون أن يُحرم بهما من دويرة أهله، ومن الأماكن القاصية".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٤٠٥)، حيث قال: " (و) يُكره أن يُحرم (بالحج قبل أشهره)؛ لقول ابن عباس: "من السنة: أن لا يُحرم بالحج إِلَّا في أشهر الحج"، رواه البخاري؛ ولأنه أحرم بالعبادة قبل وقتها، فأشبه ما لو أحرم قبل الميقات المكاني، (فإن فعل) بأن أحرم قبل الميقات المكاني أو الزماني (فهو مُحرم)، حكى ابن المنذر الصحة في تقدمه على ميقات المكان إجماعًا؛ لأنه فعل جماعة من الصحابة والتابعين، ولم يقل أحد منهم: إنَّه لا يصح، ويدل لصحة إحرامه بالحج قبل أشهره: قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: ١٨٩]، وكلها مواقيت للناس، فكذا للحج".

<<  <  ج: ص:  >  >>