للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (لِكَيْلَا يَتَطَرَّقَ النَّاسُ بِالدَّعَاوَى إِلَى تَعْنِيتِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَإذَايَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا. وَمِنْ هُنَا لَمْ يَرَ مَالِكٌ إِحْلَافَ المَرْأَةِ زَوْجَهَا إِذَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ الطَّلَاقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا شَاهِدٌ) (١).

[لماذا لا تحلف المرأة زوجها؟]

أنتم تعلمون ما بين الزوجين من العلاقة، ولو لم يرد في ذلك إِلَّا قول اللّه تعالى الآتي لكفى: قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: ٢١].

آية من آيات اللّه .. فهذا العش عش الزوجية يعيش فيه اثنان لا بد أن تخيم فيه المودة والرحمة، نعم، قد يوجد التنغيص، فهذه الحياة لا تكمل فيها السعادة، يعني لا يمكن أن يعيش الإنسان في حياته سعيدًا دائمًا، بل إن أي بيت من البيوت لا بد أن يتطرق إليه شيء من النكد، فإنما السعادة المطلقة والطمأنينة والنعيم في جنات عدن، أما في الحياة الدنيا فمهما كملت للإنسان، فلا بد فيها من تنغيص؛ لأن الإنسان لو كان أكثر الناس مالًا، فربما تأتيه أمور فتنغص عليه في ولد، أو في ماله نفسه، أو ربما في صحته، أو في غير ذلك.

إذًا هذه الحياة لا بد فيها من كمد، فهي لا تدوم لأحد على حال، ربما يسعد الإنسان وقتًا، ويكون عكس ذلك وقتًا آخر، قد يكون فقيرًا فيصير غنيًّا، وربما يرجع الإنسان من الغنى إلى الفقر، ولا يعلم المرء أي الخيرين كتب له، فإن من عباد اللّه من لو أغناه اللّه لكان الفقر خيرًا له، وإن من عباد اللّه من لو أفقره اللّه لكان الغنى خيرًا له، وأهل الفقر يدخلون


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ١٥١)؛ حيث قال: " (وكل دعوى لا تثبت إِلَّا بعدلين) كالقتل والعتق والنكاح والطلاق (فلا يمين) على المدعى عليه (بمجردها) من المدعي، بل حتى يقيم عليها شاهدًا واحدًا، فيحلف المدعى عليه لرد شهادته".

<<  <  ج: ص:  >  >>