للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عبد الله بن مسعودٍ -رضي الله عنه-: "كنا نسلِّم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في الصلاة، فيرد علينا السلام"، وهذا كان بمكة، قال: "فلما رجعنا من عند النجاشي، سلمنا عليه، فلم يرد علينا، فقلنا: كنا نسلم عليك يا رسول الله فكنتَ ترد علينا. فقال: "إنَّ فِي الصَّلاة لشغلًا" (١).

وفي روايةٍ: "إِنَّ اللهَ يحدث من أمره ما يشاء، وإن اللّه أحدث ألَّا تكلموا في الصلاة" (٢).

إذًا، المقصود من الكلام في الصلاة هو الكلام العام، أما الكلام بالقراءة والذكر والتسابيح التي هي من الصلاة، فلا تَدْخل في الكلام المنهيِّ عنه؛ ولهذا ثَبتَ أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ نابه شيءٌ في صلاتِهِ، فليسبِّح الرجالُ، ولتُصفِّق النِّساءُ" (٣).

• مسألة:

لو انعكس الأمر، فصفق الرجال، وسبحت النساء، لم تبطل الصلاة، لكنه خلاف الصحيح (٤).


(١) أخرجه البخاري (١١٩٩)، ومسلم (٥٣٨/ ٣٤).
(٢) أخرجه أبو داود (٩٢٤)، وصححه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود - الأم" (٨٥٧).
(٣) أخرج البخاري (٦٨٤)، ومسلم (٤٢١/ ١٠٢)، عن سهل بن سعد الساعدي، وفيه قال -صلى الله عليه وسلم- "ما لي رأيتُكُم أكثرتم التصفيق، مَنْ رابه شيءٌ في صلاتِهِ، فليُسبِّح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء".
(٤) في مذهب الأحناف أن المرأة ليس لها إلا أن تصفق، وأنَّ الرجل ليس له إلا التسبيح، انظر: "حاشية ابن عابدين (رد المحتار) " (١/ ٥٠٤)، وفيه قال: "وإذا نابها شيءٌ في صلاتها تصفق، ولا تسبح". وانظر: "البناية"، للعيني (٢/ ٤١٨).
وفي مذهب المالكية أن الرجل يسبح، واختلف في المرأة فقيل: تسبح كالرجل، وقيل: تصفق، والمشهور أن كلاهما يسبح. انظر المشهور في: "التاج والإكليل"، لمواق (٢/ ٣١٠)، وفيه قال: " (وتسبيح رجل، أو امرأة لضرورة ولا يصفقن) من "المدونة". قال مالك: لا بأس بالتسبيح في الصلاة للرجال والنساء، وضعف أمر التصفيق؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ نابه شيءٌ في صلاتِهِ فليسبِّح". وانظر الخلاف في "التبصرة"، للخمي (١/ ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>