للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (فَأَمَّا طَلَاقُ المُكْرَهِ).

الإكراه على نوعين:

النوع الأول: الإكراه بالقول: الإنسان قد يكره تهديدًا، فيأتي إنسانٌ فيهدده، وأما أن يأتي قريبٌ لامراته فيقول: إما أن تطلق فلانةً وإلا قطعت رأسك بالسيف، فهذا تهديدٌ.

النوع الثاني: الإكراه بالفعل: كأن يُخنق فيقال له: إما أن تطلق وإلا أزهقتُ حياتك.

وفي قصة عمار بن ياسر أنَّ المشركين كانوا هم الغالبين في مكة، وأنَّ المسلمين كانوا قلةً، وكان مع رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - نفرٌ قليلٌ، وكان المشركون في عزِّ قوتهم وعزتهم، فكانوا يؤذون المؤمنين، وبالخصوص الذين لا يوجد لهم من يحميهم، فكان ممن أُوذي عمار وأمُّه، وطُلب من عمارٍ أن يشرك باللّه وإلا سيغرق، والرسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - مرَّ به فوجده يبكي ودموعه تسيل على خديه، فأخذ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يمسح دموعه ويقول: "يُلقي المشركون بك في الماء، إن طلبوا منك هذا مرةً أخرى فافعل"، فطمأنه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فما كان منه إلا أن نطق بلسانه، ولكنَّ قلبه مطمئنٌّ بالإيمان (١).

[الإكراه على الشرك والكفر]

وهذه مسألةٌ يختلف فيها العلماء (٢).


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٣٨٩). ولم أقف على حكمه.
(٢) مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة أنَّ الصبر أفضل.
يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ١٦١) حيث قال: "فإذا خاف ذلك وسعه أن يظهر ما أمروه به ويوري فإذا أظهر ذلك وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان فلا إثم عليه، وإن صبر حتى قتل ولم يظهر الكفر كان مأجورًا".
وينظر: "مختصر خليل" (ص ١١٥) حيث قال: "وأما الكفر وسبه - عليه السلام - وقذف المسلم: فإنما يجوز للقتل: كالمرأة لا تجد ما يسد رمقها إلا لمن يزني بها، وصبره أجمل". =

<<  <  ج: ص:  >  >>