للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالنبي، أو بشيخ من المشايخ، أو بأحد غير الله سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته؛ فلا ينبغي للمسلم أن يتجاوز هذا الحد، بل يكون دائمًا سائرًا على منهج أهل السُّنَّةِ العظماء.

[فائدة]

ومما تجدر الإشارة إليه هاهنا أن تكرر الإتيان بلفظ (والله) على لسان بعض الفقهاء ليس منتَقَدًا؛ لأن الإتيان بها في مقام الموعظة والخطبة والدرس من شأنه أن يزيد التدبر واليقين في قلوب السامعين، وهذا قد فَعَلَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والأدله على ذلك كثيرةٌ، لكن المنتقَد إنما هو المبالغة في الأيمان والتجاوز، فهذا هو الذي نهى عنه بعض العلماء؛ لأن الله تعالى يقول: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠)} [القلم: ١٠]، يقصد بذلك الذي يَكذِبُ في أيمانه (١).

وقال تعالى أيضًا: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} [البقرة: ٢٢٤]؛ لأن الإنسان إذا أَكْثَرَ الأيمانَ وبَالَغَ فيها قد يَكذِبُ ويَقَعُ في الخطأ، فعلى المسلم ألَّا يَحلِفَ إلا في مَوَاطِنَ يَصْدُقُ فيها.

فكل هذه الأُمور سنتعرض لها سواء ذكرها المؤلف أم لا؛ نظرًا لِمَا لهذا الباب مِن أهميةٍ ومكانةٍ كبيرةٍ، فالأيمان أمرها خطيرٌ وعظيمٌ، ونحن نرى اليوم كثيرًا من المسلمين يتساهل في أيمانه، ونرى من يحلف أيمانًا مُغلَّظةً وهو يعلم أنه كاذبٌ فيها، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٧} [آل عمران: ٧٧].


(١) يُنظر: "تفسير الطبري" (٢٣/ ٥٣٤)؛ حيث قال: "وقوله: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ}: ولا تطع يا محمد كل ذي إكثار للحلف بالباطل؛ {مَّهِينٍ}: وهو الضعيف. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. غير أن بعضهم وجه معنى المهين إلى الكذاب، وأحسبه فعل ذلك لأنه رأى أنه إذا وصف بالمهانة فإنما وصف بها لمهانة نفسه كانت عليه، وكذلك صفة الكذوب، إنما يكذب لمهانة نفسه عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>