للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مِيرَاثُ الْقَاتِلِ]

قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي مِيرَاثِ الْقَاتِلِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: فَقَالَ قَوْمٌ: لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ أَصْلًا مَنْ قَتَلَهُ، وَقَالَ آخَرُونَ: يَرِثُ الْقَاتِلُ وَهُمُ الْأَقَلُّ).

والمؤلف انتقل بنا إلى حكم آخر؛ لأن القتل ذكره العلماء بأنه مانع من موانع الإرث؛ لأن موانع الإرث منها اختلاف الدين ومنها الرق ومنها القتل، والقتل على نوعين، هناك من يَقتُل عمدًا وهناك من يَقتُل خطأً، فإذا قتل إنسان آخر وكان وارثًا له فهل له أن يرث منه أو لا؟ وهل هناك فرق بين أن يكون قتله عمدًا أو قتله خطأً؟ وهذه مسألة تكلم عنها العلماء وهي في الحقيقة تنقسم إلى قسمين؛ لأن القتل على نوعين قتل محمد، وقتل خطإٍ، فإذا قتل وارث مورثه عمدًا فقد حكي إجماع العلماء على أنه لا يرثه بأن القاتل لا يرث المقتول (١)، وقالوا: قد خالف في ذلك إمامان هما سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير (٢) وهما من التابعين لكن العلماء اعتبروا رأيهما شاذًا في ذلك " لأنه قد صحَّ عن عمر - رضي الله عنه - أنه أعطى دية ابن قتادة المدلجي لأخيه دون أبيه؛ لأن أباه قد رماه بسيف فقتله (٣) ثم إن


(١) يُنظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص ٧٤) حيث قال: "وأجمعوا على أن القاتل عمدًا لا يرث من مال من قتله، ولا من ديته شيئًا ".
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٦/ ٣٦٤) حيث قال: " أجمع أهل العلم على أن قاتل العمد لا يرث من المقتول شيئًا، إلا ما حكي عن سعيد بن المسيب وابن جبير، إنهما ورثاه، وهو رأي الخوارج؛ لأن آية الميراث تتناوله بعمومها، فيجب العمل بها فيه، ولا تعويل على هذا القول؛ لشذوذه، وقيام الدليل على خلافه ".
(٣) أخرجه ابن ماجه (٢٦٤٦) وغيره. عن عمرو بن شعيب، أن أبا قتادة -رجل من بني مدلج- قتل ابنه، فأخذ منه عمر مائة من الإبل ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة، فقال: أين أخو المقتول؟ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ليس لقاتل ميراث" وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>