للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحمد) يشترطون لصحة السَّلم أن يكون مؤجلًا، ولا يصح السلم الحالِّ؛ لأنَّه منصوصٌ عليه في الحديث: "فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم" (١)؛ فهذا الحديث أَمَرَ بالأجلِ، والأمرُ يقتضي الوجوب.

[تنبيه]

المؤلف - رحمه الله - كأنَّه أدغم مذهب الشافعيِّ، لكنَّه رجع بعد ذلك - فيما سيأتي - فناقشه بعبارات تُشير إلى أنَّه قد ذكر مذهب الشافعيِّ، فلعلَّ في النَّصِّ سَقَطٌ.

والحقيقة أنَّ الشافعيَّ - رحمه الله - قد خالف الأئمة الثلاثة في هذه المسألة، فقال: ليس الأجلُ في السَّلم شرطًا، بل يصحُّ السَّلم مؤجلًا، ويجوز حالًّا؛ لأنَّه إذا كان يجوز مؤجَّلًا فأولى أن يجوز حالا؛ قياسًا على بيع الأعيان، ولأنَّه خالٍ من الغرر (٢).

ثم بدأ المؤلف - رحمه الله - في تفصيل مذهب مالك، فقال:

قوله: (وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ يَتَخَرَّجُ مِنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ جَوَازُ السَّلَمِ الْحَالِّ (٣)، وَأَمَّا اللَّخْمِيُّ فَإِنَّهُ فَصَّلَ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ السَّلَمَ فِي الْمَذْهَبِ يَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: سَلَمٌ حَالٌّ، وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ مِنْ شَأْنِهِ بَيْعُ تِلْكَ السِّلْعَةِ، وَسَلَمٌ مُؤَجَّلٌ، وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ بَيْعُ تِلْكَ السِّلْعَةِ (٤). وَعُمْدَةُ مَنِ اشْتَرَطَ الْأَجَلَ شَيْئَان: ظَاهِرُ حَدِيثِ


(١) سبق تخريج الحديث.
(٢) انظر: "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع"؛ للشربيني (٢/ ٢٩١)، قال فيه: " (ويصح السلم حالًا ومؤجلًا) بأن يُصرح بهما؛ أمَّا المؤجل فبالنَّص والإجماع، وأمَّا الحال فبالأولى لبعده عن الغرر".
(٣) قال المازري: "المشهور عندنا منع السلم الحال، وكان بعض شيوخنا يخرّج من المدونة القول بجوازه من مسألة: إذا اشترى بعروض وباع بمثلها مرابحة". انظر: "المعلم بفوائد مسلم" (٢/ ٣٢١).
(٤) انظر: "التبصرة"؛ للخمي (٦/ ٢٩٣٧، ٢٩٣٨)، وفيه قال: "السلم على الحلول، =

<<  <  ج: ص:  >  >>