للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما خالف أبو يوسف ومحمد بن الحسن - وهما من أشهر علماء الحنفية - أبا حنيفة، والإمام مالك خالفه ابن القاسم، والشافعي خالفه البويطي، وكذلك المروزي، وأحمد أيضًا خالفه الخلال في مسائل، وخالفه غير هؤلاء، فثمة أئمة رأوا أن رأيًا في مذهب آخر أرجح من رأي في مذهبهم؛ لوجود دليل، فينبغي أن نكون نحن كذلك على هذا المنهج.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[فصل]

وَإِذْ قَدْ قُلْنَا إِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ وَيَأْخُذَ ثَمَنَه، أَوْ يُمْسِكَ وَلَا شَيْءَ لَه، فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُمْسِكَ الْمُشْتَرِي سِلْعَتَهُ وَيُعْطِيَهُ الْبَائِعُ قِيمَةَ الْعَيْبِ، فَعَامَّةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ يجيزُونَ ذَلِكَ) (١).

لأن هذا لا يتطلب الخلاف، هذه هي الغاية التي يريدها الإنسان، فلو اشتريتُ سلعة فتبين فيها عيب، فالتزم البائع أن يعطيني مقابل هذا العيب، فلا يختلف الأئمة في ذلك، هذا هو الذي يلتقي مع روح الشريعة.


(١) مذهب الأحناف، ينُظر: "مجمع الأنهر"، لشيخي زاده (٢/ ٤٠، ٤١)، حيث قال: " (أو أخذه) أي أخذ المشتري المبيع المعيب (بكل ثمنه)؛ لأنه ما رضي عند العقد إلا بوصف السلامة بدلالة الحال فعند فواتها يتخير (لا إمساكه ونقص ثمنه)، أي لا يخير بين إمساكه وبين أخذ نقصان الثمن؛ لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الأثمان (إلا برضى بائعه)، أي: بإمساك المشتري المبيع المعيب ونقص ثمنه، والمراد عيب كَان عند البائع وقبضه المشتري من غير أن يعلم به ولم يوجد من المشتري ما يدل على الرضى به بعد العلم بالعيب".
ومذهب الحنابلة، ينُظر: "مطالب أولي النهى"، للرحيباني (٣/ ١١٩)، حيث قال: "لو اشترى ثوبًا مطويًّا، إما بالصفة، أو برؤية بعضه الدال على بقيته، فنشره فوجده معيبًا، فله الخيار، فإن كان مما لا ينقصه النشر، فله رده مجانًا، وإن كان ينقصه النشر، كالهسنجاني الذي يطوى على طاقين، فكجوز هند كسره ثم أراد رده، فله ذلك مع رد أرشه، لنقصه بالنشر، وله أخذ أرشه إن أمسكه".

<<  <  ج: ص:  >  >>