للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأصبح يطوف في كل المسائل، فيأخذه من مصدرها الأصلية، من نبعها الصافيين؛ كتاب الله - عز وجل -، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، هذا نسميه مجتهدًا مطلقًا؛ لأنَّه يأخذ الحكم من دليله، دون أن ينتسب إلى مذهب.

المرتبة الثانية: المجتهد المنتسب؛ وهو لا يقل في العلم رتبة عن هذا الأول، لكنه ينتسب إلى مذهب من المذاهب؛ بمعنى أنَّه ملتزمٌ بأصولِ مذهبه.

والمرتبة الأولى تنطبق على الأئمة الأربعة، والثانية تنطبق على بعض تلاميذهم، كمحمد بن الحسن، وأبي يوسف من أصحاب أبي حنيفة، وابن القاسم من أصحاب مالك، والبويطي، والمزني من أصحاب الشافعي، وبالنسبة للإمام أحمد ابن القاسم أيضًا، ومن المتأخرين شيخ الإسلام ابن تيمية مجتهدٌ ينتسب إلى مذهب أحمد، وإن كان شيخ الإسلام له مسائل كثيرة انفرد بها، لكنه كما قيل: "لم يترك الأول للآخر شيئًا" (١).

[فائدة]

لا يزال باب الاجتهاد مفتوحًا؛ لأنَّ هذه الشريعة الإسلامية هي خاتمة الشرائع، وستبقى إلى أن يرثَ اللّهُ الأرضَ ومن عليها، ولأنَّ


(١) انظر: "المجموع"؛ للنووي (١/ ٤٢، ٤٣)، قال: "المفتون قسمان: مستقل، وغيره: (فالمستقل)؛ شرطه مع ما ذكرنا أن يكون قيمًا بمعرفة أدلة الأحكام الشرعية من الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، وما التحق بها على التفصيل، وأن يكون عالمًا بما يشترط في الأدلة، ووجوه دلالتها، وبكيفية اقتباس الأحكام منها، عارفًا من علوم القرآن، والحديث، والناسخ، والمنسوخ، والنحو، واللغة، والتصريف، واختلاف العلماء، واتفاقهم بالقدر الذي يتمكن معه من الوفاء بشروط الأدلة، والاقتباس منها: ذا دُربة وارتياض في استعمال ذلك: عالمًا بالفقه ضابطًا لأمهات مسائله، وتفاريعه، فمن جمع هذه الأوصاف فهو المفتي المطلق المستقل؛ الذي يتأدى به فرض الكفاية، وهو المجتهد المطلق المستقل؛ لأنَّه يستقل بالأدلة بغير تقليد وتقيد بمذهب أحد. (القسم الثاني) المفتي الذي ليس بمستقل، ومن دهر طويل عُدم المفتي المستقل، وصارت الفتوى إلى المنتسبين إلى أئمة المذاهب المتبوعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>