للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأحكام تتجدد، والوقائع تتنوع، والحوادث تنزل، وتكثر بين فترة وفترة؛ فلا بُدَّ من إصدارِ أحكامٍ شرعية فيها، وذلك إنَّما يكون عن طريق المجتهدين، لذلك نجد أنَّ رسولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - أثنى على المجتهد، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد الحاكم وأخطأ فله أجر واحد" (١) الأول: كان له أجران؛ لأنَّه يأخذ الأجر الأول على اجتهاده، والثاني على إصابته الحق. والثاني: وإن أخطأ الحق ما دام قصده إذا اجتهد أن يصل إليه، فأخطأ الصواب، ولم تكن له غاية سيئة، ولا هوى؛ فإنَّه يُؤجر، لكنَّ الأول أكثر أجرًا منه؛ لأنَّه أصاب الحق.

قوله: (وَإِذْ قَدْ خَرَجْنَا عَمَّا كنَّا بِسَبِيلِهِ، فَلْنَرْجِعْ إِلَى حَيْثُ كنَّا مِنْ ذِكْرِ الْمَسَائِلِ الَّتِي وَعَدْنَا بِهَا).

قال هذا؛ لأنَّه خرج عن موضوع الصَّرف، فتكلم عن المُتفقِّه متى يكون مُجتهدًا.

قوله: (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ لَا يَجُوز إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ) (٢).

لا يجوز؛ لأنَّ هذا هو عَينُ الرِّبَا، فإن كان هناك تأجيل فهو ربَا النسيئة، وإن كان هناك تفاضل - أي: عدم تماثل - فهو ربا الفضل.

ولقد مرَّت بنا الآيات التي حذَّر الله - سبحانه وتعالى - فيها من الربا، وتلكم الأحاديث الكثيرة المتنوعة التي خوف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها المُرابين؛ فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اجتنبوا السبع الموبقات … " (٣)، وذكر منها:


(١) أخرجه البخاري (٧٣٥٢)، ومسلم (١٧١٦) عن عمرو بن العاص، بلفظ: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب؛ فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ؛ فله أجر".
(٢) انظر: "الإجماع"؛ لابن المنذر (ص ١٠٩)، وفيه: "وأجمعوا على أنَّ الستَّة الأصنَاف، متفاضلًا يدًا بيدٍ، ونسيئة لا يَجوز أحدهما، وهو حرام". وانظر: "الاشراف" (٦/ ٥٦).
(٣) أخرجه البخاري (٢٧٦٦)، ومسلم (٨٩) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>