للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"الرِّبَا"، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لعن اللّهُ آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه" (١)، وبيَّن أنَّهم سواء في الإثم.

قوله: (إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه -).

تقدَّم ذكر الخلاف في هذه المسألة، فكافة العلماء مجمعون على تحريم ربَا النَّسيئة، وأمَّا ربا الفضل فقد خالف فيه بعض من الصحابة؛ كما روي عن ابن عباس، واخْتُلِف عنه، فهناك من قال أنَّه رجع (٢)، ومهما يكن الأمر فإنَّ أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صريحة في هذا، وعبد الله بن عباس صحابي جليل؛ دعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يفقهه الله في الدِّينِ (٣)، لكننا


= "اجتنبوا السبع الموبقات"، قالوا: يا رسول الله وما هُنَّ؟ قال: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلَّا بالحقِّ، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات".
(١) أخرجه مسلم (٣/ ١٢١٩) عن جابر، قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه"، وقال: "هم سواء"،
(٢) ممن أخرج حديثَ ابن عباس الطحاويُّ في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٦٤) عن ابن عباس، عن أسامة بن زيد، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا ربا إلَّا في النسيئة".
وروى الطحاوي أيضًا رجوع ابن عباس في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٧١)، فقال: "ومما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في رجوعه عن الصرف؛ ما قد حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب قال: ثنا حماد، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي الصهباء: أن ابن عباس نزع عن الصرف. فهذا ابن عباس - رضي الله عنهما -، وهو الذي روى عن أسامة بن زيد - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "إنَّما الربا في النسيئة"، وتأول ذلك على إجازة الفضة بالفضة، والذهب بالذهب مثلين بمثل، وأكثر من ذلك، قد رجع عن قوله ذلك. فإمَّا أن يكون رجوعه لعلمه أنَّ ما كان أسامة - رضي الله عنه - حدَّثه إثما هو ربا القرآن، وعلم أنَّ ربا النسيئة بغير ذلك، أو يكون ثبت عنده ما خالف حديث أسامة - رضي الله عنه - ممَّا لم يثبت منه حديث أسامة من كثرة نقله له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى قامت عليه به الحجة، ولم يكن ذلك في حديث أسامة - رضي الله عنه - لأنَّه خبر واحد، فرجع إلى ما جاءت به الجماعة؛ الذين تقوم بنقلهم الحجة، وترك ما جاء به الواحد؛ الذي قد يجوز عليه السهو، والغلط، والغفلة".
(٣) أخرجه البخاري (١٤٣)، ومسلم (٢٤٧٧) عن ابن عباس: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دخل الخلاء، فوضعت له وضوءًا، قال: "من وضع هذا؟ " فأخبر، فقال: "اللهم فقهه في الدين".

<<  <  ج: ص:  >  >>