للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: انْتِبَاذ شيْئَيْنِ؛ مِتْلَ الْبُسْرِ وَالرُّطَبِ، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ]

قوله: (وأَمَّا الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة - وَهِيَ انْتِبَاذُ الْخَلِيطَيْنِ - فَإِنَّ الْجُمْهُورَ قَالُوا بِتَحْرِيمِ الْخَلِيطَيْنِ مِنَ الأشْيَاءِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أن تَقْبَلَ الانْتِبَاذَ، وَقَالَ قَوْمٌ: بَل الانْتِبَاذُ مَكْرُوهٌ؛ وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ مُبَاحٌ؛ وَقَالَ قَوْمٌ: كلُّ خَلِيطَيْنِ فَهُمَا حَرَامٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِمَّا يَقْبَلَانِ الانْتِبَاذَ فِيمَا أَحْسَبُ الْآنَ (١)).

هذه مسألة مهمة، والخليطان أن يؤخذ مثلًا شيء من التمر، وشيء من الزهو - وهو البسر - فيُجمعا معًا، فيلقيا في الماء؛ وسبب النهي عنه أنه يسارع في الوصول إلى الإسكار، أما لو لم يكن كذلك؛ بمعنى أنه شربه في أول أمره؛ فهذا ليس منهيًّا عنه؛ لأنه فُعِلَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يمكن أن يُفعل شيء في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يكون غير جائز.

إنما الكلام عما إذا وصلا إلى درجة الإسكار؛ وقد جاء في حديث أبي قتادة المتفق عليه، قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجمع بين التمر والزهو، وبين التمر والزبيب، ولينبذ كل واحد منهما على حدة" (٢).


(١) يُنظر: "شرح النووي على مسلم" (١٣/ ١٥٤)؛ حيث قال: "النهي عن انتباذ الخليطين وشربهما، وهما تمر وزبيب أو تمر ورطب أو تمر وبسر أو رطب وبسر أو زهو وواحد من هذه المذكورات، ونحو ذلك قال أصحابنا وغيرهم من العلماء، سبب الكراهة فيه: أن الإسكار يسرع إليه بسبب الخلط قبل أن يتغير طعمه فيظن الشارب أنه ليس مسكرًا ويكون مسكرًا. ومذهبنا ومذهب الجمهور أن هذا النهي لكراهة التنزيه ولا يحرم ذلك ما لم يصر مسكرًا، وبهذا قال جماهير العلماء، وقال بعض المالكية: هو حرام، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف في رواية عنه: لا كراهة فيه ولا بأس به؛ لأن ما حل مفردًا حل مخلوطًا، وأنكر عليه الجمهور، وقالوا: منابذة لصاحب الشرع، فقد ثبتت الأحاديث الصحيحة الصريحة في النهي عنه، فإن لم يكن حرامًا كان مكروهًا، واختلف أصحاب مالك في أن النهي هل يختص بالشرب أم يعمه وغيره والأصح".
(٢) أخرجه البخاري (٥٦٠٢)، ومسلم (١٩٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>