للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الجمهور بتحريم الخليطين إذا وصلا إلى درجة الإسكار، وهناك من قال بالكراهة مطلقًا؛ وهذه رواية في مذهب مالك وأحمد، ومنهم من قال بإباحة ذلك مطلقًا؛ وهم الحنفية، والشافعية لهم قولان؛ مع هؤلاء ومع أولئك، ثم الذين قالوا بالتحريم ليس قصدهم أن الخليطين محرمان مطلقًا.

قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ تَرَدُّدُهُمْ فِي هَلِ النَّهْيُ الْوَارِدُ فِي ذَلِكَ هُوَ عَلَى الْكَرَاهَةِ أو عَلَى الْحَظْرِ؟).

فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخليطين، وجاء أيضًا في حديث أبي قتادة تفصيل ذلك أكثر، وهو حديث متفقٌ عليه، بل موجود أيضًا عند بعض أصحاب السنن، وعند أحمد.

والخلاصة أن النهي ليس للتحريم، إلا أن يصل إلى درجة الإسكار.

قوله: (وَإِذَا قُلْنَا: إِنَّهُ عَلَى الْحَظْرِ؛ فَهَلْ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَمْ لَا؟ وَذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ أن يُخْلَطَ التَّمْرُ وَالزَّبِيب، وَالزَّهْوُ وَالرُّطَب، وَالْبُسْرُ وَالزَّبِيبُ؛ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: "لَا تَنْتَبِذُوا الزَّهْوَ وَالزَّبِيبَ جَمِيعًا، وَلَا التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ جَمِيعًا؛ وَانْتَبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ" (١)).

جاء في ذلك عدة أحاديث، لكن أشهرها حديث أبي قتادة الذي ذكرناه.

لكن هنا الآن كيف يُقَالُ مع هذه الأحاديث بأن الخليطين جائزان؟! وقد جاء في حديث أبي داود والنسائي وغيرهما، من حديث عائشة - رضي الله عنها -


(١) أخرجه البخاري (٥٦٠٢) واللفظ له، ومسلم (١٩٨٨): عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّهْوِ، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، وَلْيُنْبَذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ".

<<  <  ج: ص:  >  >>