وقوله:"عَنْ دُبُرٍ"؛ أي: قال له أنت حُرٌّ بعد موتي. وقوله:"فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ"؛ أعطى مدبَّره ثمنَه.
وهذا الحديثُ في قصَّة المدبَّر (١)؛ وهو الذي يُعلِّقُ مُعتقُه عتقَه بموته؛ لكنَّ الحديثَ الذي أوردناه أوَّلًا نصٌ صريحٌ كما ذكرنا.
وأمَّا ما ورد من النهي عن بيع المزايدة فلا يصحُّ، ولا شك أن بيع المزايدة يحتاج إليه الناس، وكل إنسان أراد أن يطرح سلعته فيطرحها، وتُعرض على الناس فيتزايدون فيها.
أي: سببُ اختلاف الفقهاء في الأحاديث التي ذكرها المؤلِّف - رحمه الله -، هل النهي فيها محمول على الكراهة أو على التحريم؟، وإذا كان النهي محمولًا على التحريم فهل التحريم في صورة واحدةٍ، أو في جميع الصور المتعلِّقَة بكلِّ مسألة من المسائل المذكورة؟
تربويَّات:
هذه الأحاديث إنما يُوصينا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لنمتثلها ونعمل بها، فلا ينبغي للمسلم أن يتدخَّل في بيع سلعة تمَّت بين اثنين، ولا غير ذلك من الأمور؛ كالخِطبة، بل على المسلم دائمًا أن يكون مُحبًّا لأخيه المسلم رحيمًا به، والله - سبحانه وتعالى -، يقول في وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي المؤمنين معه:
{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}[الفتح: ٢٩]، وإنما يرحم الله - سبحانه وتعالى - من عباده
(١) يُنظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (٢/ ٩٨) قال: يُقَال: دبرت العبد إذا علقت عتقه بموتك، وهو التدبير، أيْ أنه يعتق بعدما يدبره سيده ويموت.