للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحماء، فلا ينبغي للمسلم أن يُفسد على أخيه المسلم أمرًا من أموره بل حتى ولو كان رجلًا ذميًّا، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يُبيِّن لنا أحكامًا فيها آدابٌ وأخلاق، ينبغي أن نتمَثَّل بها، لأن شريعتنا الإسلامية تقوم على عقيدة التوحيد الخالص لله - سبحانه وتعالى -، وهي كذلك عبادة تربط بين العبد وبين ربه - سبحانه وتعالى -، وهي معاملة يتعامل بها المسلم مع أخيه المسلم، وهي أيضًا أخلاق كريمة يترفع بها المسلم من أن يقع في الحضيض.

إنَّ الإسلامَ جاء فهذَّب أخلاق المؤمنين، ورسم لهم طريقَ السعادة، طريقَ الخير، ووضع كلَّ الأسباب التي تُؤلِّفُ بين قُلوبهم، وتجمع كلمتَهم؛ ولذلك يُحذِّرُنا الله تعالى من الاختلاف، فيقول: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} [الأنفال: ٤٦] فلا ينبغي أن ينتشر بين المسلمين أيُّ خلافٍ من الخلافات، حتى وإن رآه البعضُ يسيرًا، سواءٌ في البيوعات؛ لأنَّ الدين المعاملة، والله تعالى يقول: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: ٤٥] فإنَّ الصلاة كما أنَّ لها أركانًا وشروطًا، فلها أيضًا آداب، ولها آثار تظهر على تصرفات صاحبها، فالمصلي المتَّقي لا فرق بين أن تراه في المسجد وبين أن تراه في السوق، لا فرق بين أن تراه في حضر أو سفر، تجده مؤمنًا حقًّا في كل تصرُّفاته؛ لأنَّ تلكم الصلاة أثرت في نفسه، واستقرت في قلبه، فكانت جميع تصرفاته تنبع من هذا الدين الحنيف.

أما الذي ينقرها نقر الغراب، أو يأتي المسجدَ وباله مشغولٌ بأمور الدنيا، فإذا ما خرج إلى السوق عدل عن كل شيء، ونسي ما كان بينه وبين ربِّه من عهدٍ وميثاقٍ ومُناجاةٍ في هذه الصلاة، فتغيرت أحواله وانقلب سلوكه، فلا ينبغي للمسلم أن يكون هكذا، فالمسلم يكون سَمحًا إذا باع وسَمحًا إذا اشترى، رحيمًا بإخوانه المؤمنين وبخاصة الفقراء والمحتاجين.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>