معنى "قَلِيلَة الغَنَاءِ": قليلة الفائدة في الفقه، وهو لا يريد أن هذه القضية التي تكلم عنها العلماء، وَفصَّلوا القولَ فيها، لا فائدة منها، لكنه يريد أن يقول: إنَّ فائدتها في الفقه غير ظاهرةٍ؛ لأنَّ العلماء يذكرون قاعدةً مهمةً:"هَل الكُفَّار مُخَاطبون بفُرُوع الشَّريعة؟ ".
فالكُفَّار - لا شكَّ - مخاطبون بالإيمان؛ لأنَّ كل مخلوق مخاطب بهذا الإيمان، فالإنسانُ إنما خُلِقَ في هذا الكون ليؤمنَ بالله -سبحانه وتعالى -: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧)} [الذاريات: ٥٦، ٥٧]، والإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه …
فَالكَافرُ مُطَالبٌ بأُصُول هذِهِ الشَّريعة، لَكن الله تَعالَى يَقُولُ: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)} [الفرقان: ٢٣]، فَهَلْ يُطَالَب بفُرُوع هذه الشَّريعة؛ كالطهارة، والصلاة، والزكاة، والحجِّ، والصيام، وغَيْر ذلك من الأمور الأُخرى، أو أنه لا يُطَالب بذلك؟
هَذِهِ المسألةُ يَذْكرها الأُصُوليُّون في كُتُبهم، والفقهاء في علم القواعد الفقهية؛ فإذا نظرنا إليها من ناحية الحكم قلنا: هي قاعدةٌ أصوليةٌ، ولَوْ نَظَرنا من حيث أفعال المُكلَّفين لقلنا: هي قاعدةٌ فقهيةٌ.
ومن أدقِّ الأمور أن يفرق الإنسان بين القاعدة الأصولية والقاعدة الفقهية.
إذًا، متى تكون قاعدةً فقهيةً؟
تكون قَاعدةً فقهيَّةً عند طَائِفَةٍ من العلماء الذين يَقُولون بأن الكفَّار مخاطبون بفروع الشريعة، فإذا قلنا بأنهم مخاطبون بفروع الشريعة، معنى هذا أننا نطالبهم بالفروع، وليس معنى قول الفقهاء: إنَّ الكفار مخاطبون