للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن المنذر (١)، ونُقِلَ ذلك عن عليِّ بن أبي طالبٍ - رضي الله عنه -.

والفريق الآخر: يرَى أنَّها ليست شرطًا في الوضوء، وهُمْ: أبو حنيفة (٢)، والثوري (٣).

استدلَالَات الجُمْهور:

القَائلُون بِاشْتِرَاطِ النيَّة في الوضوء - وهُمُ الفَريقُ الأوَّل - استدلُّوا على قَوْلهم هَذا بالكتَاب والسُّنَّة والقيَاس، أي أنَّهم استدلُّوا بالمَنْقول والمَعْقول.

أمَّا الكتَاب، فقَوْله تَعالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥]، فجُمْهورُ العلَماء على أنَّ الوضوءَ عبادةٌ تَفْتقر إلى نِيَّةٍ.

وفي قَوْله تَعالَى: {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}، جَاءَت الحَالُ شرطًا في العبَادة؛ لِتُفِيدَ الآيةُ أنَّ العِبَادةَ الصَّحيحةَ يُشْترط فيها أَنْ تَكُونَ خَالصةً لله سُبْحانه وتَعَالى؛ لأنَّ الإخلاصَ هو عَملُ القَلْب، وَعَملُ القَلْب هو النيَّة، فالنيَّة - إذًا - شرطٌ في صحَّة الوضوء.

وأمَّا السُّنَّة، فَحَديث: "إنَّما الأعْمَال بالنيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نَوَى"، وهَذَا حديثٌ مُتَّفَقٌ عليه (٤)، أَخرَجَه الأئمةُ السِّتَّةُ (٥)، وأثنَى علَيه


= وأحمد وأبو ثور وإسحاق وأبو عبيدة وداود والطبري: لا تجزئ الطهارة للصَّلاة والغسل من الجنابة، ولا التيمم إلا بنِيَّةٍ".
(١) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (١/ ٣٦٨) حيث قال: "ذكر إيجاب النيَّة في الطَّهَارات والاغتسال والوضوء والتيمم ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الأعمال بالنيَّة".
(٢) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ١٧) حيث قال: "وأما النية، فلَيْسَتْ من الشرائط". وانظر: "العناية شرح الهداية" للبابرتي (١/ ٣٢).
(٣) أخْرَجه عبد الرزَّاق في "مصنفه" (١٢٣٢)، قال سفيان: "إذا علمت الرجل التيمم، فلا يجزيك ذلك التيمم أن تُصلِّي به إلا إن نويتَ به أنك تيمم لنفسك، وإذا علَّمته الوضوء، أجزأك". وانظر: "الأوسط" لابن المنذر (١/ ٣٦٨).
(٤) سبق تخريجه.
(٥) أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧)، وأبو داود (٢٢٠١)، والترمذي (١٦٤٧)، والنسائي (٧٥)، وابن ماجه (٤٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>