للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مِيرَاثُ الْجَدِّ]

قال الشعبي -رحمه الله -: "أول جَد ورث في الإسلام عمر بن الخطاب" (١).

وروى الدارقطنيُّ في "سُننه" (٢) عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: "أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ يَوْمًا فَأَذِنَ لَهُ وَرَأسُهُ فِي يَدِ جَارِيةٍ لَهُ ترجلُهُ فَنَزَعَ رَأسَهُ، فَقَال لَهُ عُمَرُ: دَعْهَا تُرَجِّلُكَ. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ جِئْتُكَ. فَقَال عُمَرُ: إِنَّمَا الْحَاجَةُ لِي إِنِّي جِئْتُكَ لَنَنْظُرَ فِي أَمْرِ الْجَدِّ. فَقَالَ زَيْدٌ: لَا وَاللهِ مَا تَقُول فِيهِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لَيْسَ هُوَ بِوَحْي حَتَّى نَزِيدَ فِيهِ وَنُنْقِصَ إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ تَرَاهُ؛ فَإِنْ رَأَيْتَهُ وَافَقْتَنِي تَبِعْتُهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ فِيهِ شَيْءٌ، فَأَبَى زَيْدٌ، فَخَرَجَ مُغْضَبًا، وَقَالَ: قَدْ جِئْتُكَ وَأَنَا أَظُنُّكَ سَتَفْرُغُ مِنْ حَاجَتِي. ثُمَّ أَتَاهُ مَرَّةً أُخْرَى فِي السَّاعَةِ الَّتِي أَتَاهُ الْمَرَّةَ الْأُولَى فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى قَالَ: فَسَأَكْتُبُ لَكَ فِيهِ. فَكَتَبَهُ فِي قِطْعَةِ قَتَبٍ وَضَرَبَ لَهُ مَثَلًا: "إِنَّمَا مَثَلُهُ مِثْلُ شَجَرَةٍ تُنْبِتُ عَلَى سَاقٍ وَاحِدٍ فَخَرَجَ فِيهَا غُصْنٌ ثُمَّ خَرَجَ فِي غُصْنٍ غُصْنٌ آخَرُ، فَالسَّاقُ يَسْقِي الْغُصْنَ، فَإِنْ قَطَعْتَ الْغُصْنَ الْأَوَّلَ رَجَعَ الْمَاءُ إِلَى الْغُصْنِ، وَإِنْ قَطَعْتَ الثَّانِي رَجَعَ الْمَاءُ إِلَى الْأَوَّلِ"، فَأُتِيَ بِهِ فَخَطَبَ النَّاسَ عُمَرُ ثُمَّ قَرَأَ قِطْعَةَ الْقَتَبِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَدْ قَال فِي الْجَدِّ قَوْلًا وَقَدْ أَمْضَيْتُهُ، قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ أَوَّلَ جَدٍّ كَانَ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ كلَّهُ مَالَ ابْنِ ابْنِهِ دُونَ إِخْوَتِهِ، فَقَسَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه -".


(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٠/ ٢٦١) وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٦/ ٢٦١)، (٧/ ٢٥١).
(٢) أخرجه الدارقطني (٥/ ١٦٤)، وعنه البيهقي في "الكبرى" (٦/ ٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>