للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن، جاءت السُّنَّة بأحكامِ أيضًا أضافتها إلى كتاب الله عزَّ وجلَّ، ولا يُعْتبر ذلك تعارضًا بين كِتاب اللهَ عزَّ وجلَّ وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الكتاب إنما هو من عند الله، وسُنَّة الرسول -صلى الله عليه وسلم- إنما جاءت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: "تَركتُ فيكُمْ ما إن تَمسَّكتم به لن تَضلُّوا بعدي أبدًا: كتاب الله عزَّ وجلَّ وسُنَّتي" (١).

نظرةٌ مجملةٌ إلى ما في الكتاب والسُّنَّة من أحكام:

إن الأحكام التي جاء بها القرآن الكريم والسُّنة النبوية إنما هي تأتي في الأمور الآتية:

أوَّلها: الأحكام المتعلقة بالإيمان بالله سبحانهُ وتعالى، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره.

وكذلك الأحكام المتعلقة بتفصيل ذلك؛ كالإيمان بالغيب والبعث والجزاء والنشور والجنة والنار، وما في الجنة من نعيمٍ أعدَّه الله سبحانهُ وتعالى لأوليائِهِ، وما في النار من عَذَابٍ أعدَّه الله سبحانهُ وتعالى للخارجين عن أَوَامره ونَوَاهيه … وهذه مَوْضوعها علم العقيدة، أي: ما يُعْرف بعلم التوحيد، إلَّا أننا نتعرض إليه عندما نجد مناسبةً لنُبيِّن أهمية هذا الأمر.

ولا شكَّ أن التوحيدَ هو الأصل الأصيل، وهو الذي إذا انتفى، فسائر الأعمال لا تفيد صاحبَها؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يَقُولُ: "بُنِيَ الإسلامُ على خَمْسٍ: شَهَادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، هاقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام" (٢).

فَالأَصْلُ إنَّما هو هذه العقيدة، وإذا فَسَدت فسدت سائر الأعمال، ولذلك نجد أن الله سبحانهُ وتعالى يقول عن أعمال المشركين الكافرين: {وَقَدِمْنَا إِلَى


(١) أخرجه مسلم (١٢١٨) في حديث طويل.
(٢) أخرجه البخاري (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>