لأنه من المعلوم أن كلَّ مَن صحَّ طلاقه صحَّ ظهاره، فمن المُسَلَّمات أن الرجل يَملِكُ أن يظاهِر من المرأة التي في عصمته والتي عَقَدَ عليها عقدًا صحيحًا، وسيأتي الخلاف في المظاهَرة من المرأة الأجنبية التي ليست في عصمة الزوج.
لأن الله سبحانهُ وتعالى حينما دكَرَ الظِّهارَ قال:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا}[المجادلة: ٣]، وقوله تعالى هاهنا:{مِنْ نِسَائِهِمْ} يحتمل أن يكون مقصودًا به جنس النساء عامَّةً، ويحتمل أن يكون مقصودًا به الزوجات، فإن كان يراد به الزوجات فإن اللفظ حينئذٍ لا يشمل الإماء، وإن أُرِيدَ به عموم النساء حصلَ النزاع في دخول الإماء في عمومِ اللفظ، وذلك أن أهلَ العلم مُتَّفقون على أن النساء في قوله تعالى:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ}[البقرة: ٢٢٦] يُراد به الزوجات، وهو محلُّ اتّفاقٍ لا خلاف عليه ولا نزاع فيه، ولذا - كما سيأتي - فإن المؤلِّفَ سَيُشَبِّهُ الظهارَ بالإيلاءِ من باب قياس الشَّبَهِ لا من باب قياس العلة.
= وفيه قول ثان: وهو أن يكفر ويرث. هكذا قال الشعبي، والزهري، وقتادة، وروي ذلك عن الحسن".