للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد هاهنا هو الإشارة لاختلاف أهل العلم في قول السيد لأمته: (أنتِ عليَّ كظهر أمِّي)، وما إذا كان هذا القول منه ظهارًا أم لا.

وفي هذه المسألة يُتناوَلُ جانبٌ مهمٌّ كذلك، أَلَا وهو الفرق بين أن تكون هذه الأَمَة من الإماء التي يطؤها السيد، وبين أن تكون من الإماء التي لا يطؤها.

- قوله: (وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي ظِهَارِ المَرْأَةِ مِنَ الرَّجُلِ).

وهذه مسألة أخرى، والمراد منها هو ما إذا كان للمرأة أن تكون هي المُظاهِرةَ من زوجها أم لا، بمعنى أن تقول لزوجها: (أنتَ عليَّ كظهر أبي)، أو تقول: (إن تزوجتُ فلانًا فهو عليَّ كظهرِ أبي)، والظِّهار إنما هو قريبٌ في معناه من باب الطلاق، وفي الطلاق - كما هو معلومٌ - يملك الرجل حق الطلاق؛ لأنه يملك البُضْعَ، أما المرأة فلا تملك الطلاق إلا إذا مَلَّكَهَا الزوجُ إياه وَفَوَّضَهَا فيه.

- قوله: (فَأَمَّا الظِّهَارُ مِنَ الأَمَةِ، فَقَالَ مَالِكٌ (١)، وَالثَّوْرِيُّ (٢)، وَجَمَاعَةٌ (٣): "الظِّهَارُ مِنْهَا لَازِمٌ كالظِّهَارِ مِنَ الزَّوْجَةِ الحُرَّةِ").


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير ومعه حاشية الدسوقي" (٢/ ٤٣٩)، حيث قال: " (قوله: من زوجة أو أمة) هذا هو المشهور خلافًا لمن قال: إن الظهار لا يلزم في الإماء، ولا يعكر على المشهور قوله تعالى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: ٣] فإنه لا يشمل الإماء، لخروجها مخرج الغالب فلا مفهوم له".
(٢) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٩/ ٣٨٨، ٣٨٩)، حيث قال: "قال الحكم: الظهار من الأمة مثل ظهار الحرة، وهذا قول سفيان الثوري".
(٣) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٩/ ٣٨٨، ٣٨٩)، حيث قال: "اختلف أهل العلم في الرجل يقول لأمته: أنت عليّ كظهر أمي، فقالت طائفة: في الظهار من الأمة كفارة تامة. كذلك قال مجاهد، والنخعي، وعكرمة، والشعبي، وعمرو بن دينار، والحسن، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وقال طاوس في الرجل يظاهر من أمته: "يكفر كفارة الحر إن أراد أن يطأها"، وهكذا قال الزهري، وقتادة، وقال الحكم: "الظهار من الأمة مثل ظهار الحرة"، وهذا قول سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وقد روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: "الظهار من الأمة مثل الظهار من الحرة"".

<<  <  ج: ص:  >  >>