للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي يرجف فيها بالمؤمنين، ويخيفهم ويروعهم، فلا شكَّ أنَّ هذا ليس من الإسلام في شيءٍ، فالإسلام إنما جاء بما فيه خير الناس بدَعْوتهم إلى الحق، وبتأمين المؤمنين، وَعَدم التعدِّي عليهم، ولذلك قال الله تعالى عندما أشَاد ببيته الحَرام، قال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: ٦٧].

وقال إبراهيم عليه السلام في دعائه: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا} [البقرة: ١٢٦].

وقال الله ممتنًّا على أهل مكة: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: ٦٧].

قال المصنف رَحَمِهُ اللهُ:

(البَابُ الخَامِسُ بِمَاذَا تَثْبُتُ هَذِهِ الجِنَايَةُ

وَأَمَّا بِمَاذَا يَثْبُتُ هَذَا الحَدُّ، فَبِالإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ، وَمَالِكٌ (١) يَقْبَلُ شَهَادَةَ المَسْلُوبِينَ عَلَى الَّذِينَ سَلَبُوهُمْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٢): تَجُوزُ شَهَادَةُ


(١) يُنظر: " البيان والتحصيل " لابن رشد الجد (١٠/ ٨٧) حيث قال: " يتحصل في شهادة المسلوبين على السالبين بالسلب والمال أربعة أقوال؛ أحدها: أن شهادتهم عليهم جائزة بالسلب والمال لأنفسهم ولمَنْ سواهم، فيُقَام الحَدُّ على السالبين بشهادتهم، ويُقْضى بما شهدوا به من المال لَهم ولمَنْ سواهم، وهو قول مطرف وروايته عن مَالِكٍ ".
(٢) يُنظر: " نهاية المطلب " للجويني (٧/ ٣١٦) حيث قال: " إذا شَهد شَاهدَان من الرُّفقة
على المحاربين وقالوا: هؤلاء تَعرَّضوا لهؤلاء، فأخذوا أموالهم، وقتلوا منهم،
وفصلوا ما يجب تفصله، ولم يتعرَّضوا لقصد المحاربين إياهم، فالشهادة مقبولة ".

<<  <  ج: ص:  >  >>