للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلِ الرُّفْقَةِ عَلَيْهِمْ إِذَا لَمْ يَدَّعُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَلَا لِرُفَقَائِهِمْ مَالًا أَخَذُوهُ، وَتَثْبُتُ عِنْدَ مَالِكٍ (١) الحِرَابَةُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ).

أشَارَ المؤلِّف في هذا الباب إلى ما به يثبت حكم الحرابة، وأنَّه يثبت بطَريقَين:

الأوَّل: الإقرَار، إذا كان المقرُّ عاقلًا بالغًا.

الثَّانِي: الشَّهادة، وَذَهب مَالكٌ رَحَمِهُ اللهُ (٢) إلى الأَخْذ بشَهادة المسلوبين على الذين سَلَبوهم؛ لأن الشهادة تثبت بشاهدين اثنين، وَهذا متحققٌ هنا.

وقال بعض أهل العلم (٣) لا يعتدُّ بشهادة المسلوب على مَنْ سلبه لأنه خصمٌ، والخصم لا تُقْبل شهادته على خصمه.

قَالَ الشَّافعيُّ (٤) رَحَمِهُ اللهُ: تَجُوز شهادة أهل الرفقة عليهم إذا لم يدعوا لأنفسهم ولا لرفقائهم مالًا أخذوه، وبه قال أيضًا أحمد رَحَمِهُ اللهُ (٥).

قوله: (وَتثْبُتُ عِنْدَ مَالِكٍ (٦) الحِرَابَةُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ)، يَعْني: إذا أشَاع أناسٌ ذَلكَ، وَقَالوا: سَمعنا أن فلانًا وفلانًا وفلانًا قاموا بمُحَاربة الناس، والعلَّة في ذلك عند مَالِكٍ رَحَمِهُ اللهُ: سدُّ الذرائع، وإغلاق مثل هذه الأبواب


(١) يُنظر: " التاج والإكليل " للمواق (٦/ ٣١٧) حيث قال: " وتثبت بشهادة رجلين، وإنَّ من الرفقة لا لأنفسهما ولو كان مشهورًا بالحرابة، فشهد اثنان أنه فلان المشهور ثبتت الحرابة وإن لم يعاينوها ".
(٢) تقدم.
(٣) هُوَ مَذْهَب الشافعيَّة، يُنظر: " مختصر المزني " (٨/ ٣٧٢) حيث قال: " ولو شهد شاهدان من الرفقة أن هؤلاء عرضوا لنا، فنالونا وأخذوا متاعنا، لم تجز شهادتهما؛ لأنهما خصمان ".
(٤) تقدم.
(٥) يُنظر: " كشاف القناع " للبهوتي (٦/ ١٥٠) حيث قال: " (ويعتبر ثبوته)، أي: قطع الطريق (ببينة)، أي: شهادة رجلين عدلين (أو إقرار مرتين) كسرقة ".
(٦) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>