للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أثر النية على الإنسان]

النية أمرها كبيرٌ وشأنها عظيمٌ، فأول مسألةٍ في الكتاب مسألة النية، لأنَّ النية هي أن تخلص في قلبك لله - سبحانه وتعالى -، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: ٥]، والله - سبحانه وتعالى - قد أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأن يكون مخلصًا في جميع أعماله، قال تعالى: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: ١٤ - ١٥]، وهذا الإخلاص نور وضياء وشعاع يلقيه الله - سبحانه وتعالى - في قلب العبد المؤمن، تستضيء به جوارحه، ويستنير به طريقه، فيسلك طريق الرشاد والهداية في جميع أعماله، ومن هنا نجد أنَّ الناس يتفاوتون في درجاتهم بسبب الإخلاص، فكلما قوي إخلاص العبد وقويت نيته وثقته بالله - سبحانه وتعالى - وتطهَّر قلبه من أي شكٍّ أو درنٍ أو معصيةٍ رفعه الله مكانًا عليًّا، فأبو بكر وهو رجلٌ واحدٌ لو ووزن إيمانه بإيمان الأمة لرجح؛ لأنه لم يتطرق إلى قلبه - رضي الله عنه - شكٌّ ولا تردُّدٌ، فكان إذا أخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول سمعنا وأطعنا، وهكذا كان الصحابة - رضي الله عنهم -، وهذا الإيمان الذي في القلب يزداد وينقص، يزداد بطاعة الله - سبحانه وتعالى - وينقص بمعصية الله - سبحانه وتعالى -، كما قال تعالى: {فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} [آل عمران: ١٧٣] وقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢)} [الأنفال: ١، ٢]، هذه هي الغاية التي يسعى إليها كل مؤمنٍ، فلنحرص على إخلاص الأعمال لله عز وجل.

قوله: (وَمَنْ شَبَّهَهُ بِالْعَقْدِ فِي النَّذْرِ).

يعني: إنسان يقول: إن شفى الله مريضي سأحج سأصوم سأتصدق


= "جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص ٢٩٦) حيث قال: "والكناية قسمان ظاهر ومحتملٌ، فالظاهر ما هو في العرف طلاقٌ مثل سرحتك وفارقتك وأنت حرامٌ وبتةٌ وبتلةٌ وخليةٌ وبريةٌ وبائنٌ وحبلك على غاربك وكالميتة وكالدم وكلحم الخنزير، ووهبتك، ورددتك إلى أهلك، وهي كالصريح في أنه لا يقبل دعواه في غير الطلاق".

<<  <  ج: ص:  >  >>