للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعملها، فالله يتوب عليه، وفي قصة الثلاثه الذين انطبق عليهم الغار، أحدهم قد همَّ بمعصية عظيمةٍ، همَّ بامرأةٍ من أقرب الناس إليه، لكنه لما أراد أن يقع بها خوفته بالله - سبحانه وتعالى -، فترك تلك المعصية خشيةً وخوفًا لله سبحانه وتعالى، فكان من الثلاثه الذين دعوا لما انطبق عليهم الغار فانفرج عنهم، همَّ بمعصيةٍ ولم يفعلها فكتبت له حسنة (١)، هذا من عفو الله - سبحانه وتعالى -، فهو الذي يدعونا بقوله {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: ١٤٨] وهو الذي يقول: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: ١٣٣].

ثانيًا: أن ينوي بالقلب لكنه يأتي بلفظٍ غير صريحٍ أي: كناية كالتي مرَّت بنا.

يعني: نوى الطلاق ثم جاء بعبارةٍ ليست صريحةً، كأن يقول لها: اختاري نفسك، أو فارقتك مع أن لفظ فارقتك عند بعضهم صريحٌ.

هنا يرجع إلى نيته في هذه الحالة، وبعضهم يعتبر ذلك صريحًا فيقع، والعلماء لم يتفقوا على جميع الكنايات؛ لأن من الألفاظ ما يعدُّه بعض العلماء كالشافعيةِ والحنابلة طلاقًا صريحًا، وبعض العلماء كالحنفية والمالكية يعده كنايةً وليس صريحًا.

ثالثًا: أن يتلفظ دون نيةٍ، يعني: يقول لها أنت طالق ولم ينو بقلبه، كلمة وردت على لسانه لم ينو بها طلاقًا، فإذا وقع باللفظ دون نية فإنه يقع عند جمهور العلماء.

قوله: (فَمَنِ اشْتَرَطَ فِيهِ النِّيَّةَ وَاللَّفْظَ الصَّرِيحَ فَاتِّبَاعًا لِظَاهِرِ الشَّرْعِ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَقَامَ الظَّاهِرَ مَقَامَ الصَّرِيحِ) (٢).


(١) أخرجه البخاري (٢٢١٥)، ومسلم (٢٧٤٣) وفي القصة: "وقال الآخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عمَّ أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء، وطلبت إليها نقسها، فأبت حتى آتيها بمائة دينار، فتعبت حتى جمعت مائة دينار، فجئتها بها، فلما وقعت بين رجليها، قالت: يا عبد الله اتق الله، ولا تفتح الخاتم إلا بحقه، فقمت عنها، فإن كنت تعلمُ أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا منها فرجةً".
(٢) وهم المالكية لأنهم يجعلون الكنايات الظاهرة كالصريح، فيشترط فيها النية. يُنظر:=

<<  <  ج: ص:  >  >>