للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(القَوْلُ فِي الأَحْكَامِ:

وَمِنْ مَسَائِلِهِمُ المَشْهُورَةِ فِي هَذَا البَاب جَوَازُ الِاعْتِصَارِ فِي الهِبَةِ (١) (وَهُوَ الرُّجُوعُ فِيهَا)).

وَالفُقَهَاء لَهم مصطلحاتٌ، وَربما تجد في بَعْض المَذَاهب مصطلحات تختلف عن المذهب الآخر، فنحن نعرف في المذاهب عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد بأن ما يسميه المالكية بالاعتصار هو الرجوع في الهبة، كأنه اعتصره بمعنى أخذها منه وجلبها، فكأن فيها معنى الشد.

قَوْله: (فَذَهَبَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ عُلَمَاءِ المَدِينَةِ) (٢).

وهو أيضًا قول الإمام أحمد (٣).


(١) يُنظر: "شرح حدود ابن عرفة" للرصاع (ص ٤٢٧) قال: "الاعتصار: ارتجاع المعطي عطية عوض لا بطوع المعطى.
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٢٢٨) قال: "ذهب مالكٌ وأكثر أهل المدينة إلى أن للأب أن يعتصر ما وهب لابنه ".
(٣) ورد عن أحمد روايتان.
يُنظر: "الروايتين والوجهين" لأبي يعلى ابن الفراء (١/ ٤٤٢، ٤٤٣) قال: هل للأب الرجوع في الهبة؟
فنقل الميموني وأبو طالب وإسحاق بن إبراهيم: له الرجوع، وهذا على الإطلاق بكل حال.
وَنقَل أبو الحَارث: إذا وهب لابنه أو لابنته هبةً، فإن غَرَّ بها قومًا، فليس له الرجوع، فظاهر هذا أنه إنْ بان نفع ذلك عليه لم يكن له الرجوع، وهو أن يهب لولده شيئًا وهو فقير فيستغني بعد ذلك فيرغب الناس في معاملته ومصاهرته، فلا يكون له الرجوع، وإِنْ لم يبنِ نفعه عليه فله الرجوع.
والذي عليه المذهب أن له الرجوع. يُنظر: "المبدع في شرح المقنع "، لابن مفلح (٥/ ٢٠٣)، قال: "ولا يجوز" أي: لا يحل "لواهب أن يرجع في هبته" اللازمة، كَذا في "الرعاية" و"الوجيز"؛ لما رَوَى ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه "، متفق عليه، ولأحمد والبخاري: "ليس لنا مثل السوء"، وفي رواية لأحمد قال قتادة: ولا أعلم القيء إلا حرامًا، وكالقيمة، وظاهره =

<<  <  ج: ص:  >  >>