للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَعْتَصِرَ مَا وَهَبَهُ لِابْنِهِ) (١).

وهو أيضًا عند الإمام الشافعي (٢)، لكن الإمام الشافعي بعد ذلك توقف في حديث طاوس الذي سيأتي الكلام عنه، ونعلم أن الإمام الشافعي قد وضع له منهجًا، ذلكم المنهج أنه قال: "إذا صح الحديث فهو مذهبي "، فلو قدر بأن مسألةً من المسائل خالف فيها الإمام الشافعي -رحمه الله- لأن الحديثَ الذي هو حجتهم لم يصح عنده، ثم تبين أن ذلك الحديث صحيح، فيكون مذهب الإمام الشافعي، ثم إن الإمام الشافعي قال بهذه


= وإن لم يثب عليها، صرح به في "المحرر"، وكذا حكم الهدية "إلا الأب "، فله الرجوع في أظهر الروايات عنه، وصححه ابن حمدان، وهو المذهب عند الشيخين؛ لما روى عمر، وابن عباس مرفوعًا: "لا يحلُّ للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده ".
(١) يُنظر: "حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني" (٢/ ٢٥٨) قال: "قوله: وقيد اعتصار الأب من الكبير … إلخ " لا مفهوم له، بل لا فرق بين أن يكون الولد كبيرًا أو صغيرًا. "قوله: ما لم ينكح أو يداين … إلخ " بالبناء للمجهول ليفيد أن العبرة بقصد المنكح أو رب الدين الذي داينه، وأما قَصده هو فلا يعتبر ذلك، ولكن ذكر المواق ما يفيد أن المعتمد خلاف ذلك، وأنه يكفي قصد الابن، فلو قصد ذاته بالإنكار أو كانت قليلةً لا ينكح ولا يداين الشخص لأجلها، فلا يفوتان الاعتصار. تنبيه: المراد بالإنكاح العقد، دخل أو لا، بقي نكاحه أو زال بطلاق أو موت.
"قوله: أو يحدث في الهبة حدثًا"، أي: حادثًا ينقصها في ذاتها أو يزيدها، فإنها تفوت عليه، ولا يحل له اعتصارها إلا أن يزول النقص أو يرجع الزائد، فإنه يعود الاعتصار، ولا فرق في النقص بين الحسي كهزال الحيوان الذي كان سمينًا، والمعنوي كنسيان العبد صنعة، وكذا تفوت الهبة المثلية بخلطها بمثلها، ولا عِبْرَة بحوالة الأسواق.
(٢) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ٥٦٨) قال: "للأب الرجوع" على التراخي "في هبة ولده" الشاملة للهدية والصدقة وكذا لبعضها كما فهم بالأولى من دون حكم حاكم "وكذا لسائر الأصول" من الجهتين ولو مع اختلاف الدين "على المشهور"؛ سواء أقبضها الولد أم لا، غنيًّا كان أو فقيرًا، صغيرًا أو كبيرًا، لخبر: "لا يحلُّ لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده "، رواه الترمذي والحاكم وصححاه. وانظر: "نهاية المحتاج" للهيتمي (٦/ ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>